العدد 1443 /30-12-2020

في مخالفة دستورية صريحة وواضحة صدر عن رئاسة الجمهمورية بيانا يجيز لوزير الصحة اللبنانية بإبرام إتفاقية للحصول على اللقاح المعادي لفايروس كورونا من الشركة فايزر اﻷلمانية . هذا ما ردده العديد من اﻷوساط السياسية اللبنانية ، إستنادا الى الثابتة الدستورية اللبنانية التي تقول بجعل السلطة التنفيذية في لبنان بيد مجلس الوزراء ، وبأن رئيس الحكومة هو الذي يباشر ممارسة هذه السلطة . وتضيف هذه اﻷوساط أن عهد الرئيس ميشال عون قد شهد محاولات شتى لاستيلاد أعراف دستورية تمس بصلاحيات رئيس الحكومة . وان البيان المشار اليه قد تجاوز حدود إستيلاد أعراف دستورية جديدة الى خرق دستوري فاضح . خصوصا أن هناك لجنة صحية تتولى اﻹشراف على مجريات الوضع الصحي اللبناني في جائحة كورونا .

وتسترسل هذه اﻷوساط في القول وتعود الى المثل الشعبي بأن " المال السايب بعلم الناس الحرام " . وأن تحفظ رئيس حكومة تصريف اﻷعمال حسان دياب عن ممارسة صلاحياته أو دفعه بهذا اﻹتجاه هما اللذان مهدا لما سمي تعديا على الدستور لدى هذه الجهات . وترتكز هذه الرؤية على وصم الجهة السياسية في معسكر الثامن من أذار التي دفعت بعد إنفجار مرفأ بيروت في آب الماضي بحسان دياب الى اﻹستقالة بعدم الذكاءأو بالوقوع في هفوة سياسية تاريخية . حيث أن الدعوة التي أطلقها آنذاك الرئيس دياب الى إنتخابات نيابية مبكرة لا ينبغي أن تخيف أحد في ظل الخلاف الحاد بين اﻷطراف السياسية اللبنانية على القانون الإنتخابي التي يجب أن تجرى على أساسها تلك اﻹنتخابات . ويصل البعض في استشرافهم الى حدود القول بأن لا إنتخابات نيابية قادمة في عام 2022 ﻷن التخلص من قانون الصوت التفضيلي واجب لدى جمع من القوى السياسية اللبنانية ، في حين أن التمسك بهذا القانون التفضيلي واجب ومحتم لجمع كبير من القوى السياسية المسيحية وفي مقدمها التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية التي كبر حجمي كتلتهما النيابيتين في إنتخابات الصوت التفضيلي في ربيع عام 2018 .

إن التعثر في ولادة الحكومة اللبنانية كان ينبغي أن يشهد تطبيقا مباشرا للدستور الذي يوجب تصريف اﻷعمال بكل سلاسة وانسيابية دون تحفظات أو إنكفاءات أو وضع للعصى في الدواليب . وقد كانت اﻷشهر اﻷربعة الماضية التي تلت إستقالة حكومة الرئيس دياب مليئة بهذه التحفظات واﻹنكفاءات ووضع العصي في الدواليب وهذا ما أدى الى حصول " الخبيصة " التي طالت الصلاحيات الدستورية بعدما نالت من اﻷعراف الدستورية المشار اليها آنفا .

لقد كان في مقدور القوى السياسية التي اختارت حسان دياب لرئاسة الحكومة قبل عام من الزمن أن تبقي على هذه الحكومة ، وكان هذا اﻷمر أقل ضررا مما حصل في اﻵونة اﻷخيرة من تطورات . وفي الحد اﻷدنى كان في إمكان هذه القوى التي توافقت على حسان دياب رئيسا للحكومة أن تطلق يده في مهمات تصريف اﻷعمال بدلا من تكبيله ومعاقبته والتشفي منه عبر قرار القاضي فادي صوان بتوجيه التهمة الى دياب علما أن الجميع يدرك ويعلم أن دياب أكثرهم براءة ولم " يبقى له في القصر إلا من مبارح العصر " في حين أن المواد التي تفجرت في مرفأ بيروت تنام هناك منذ سبعة سنين عدا ونقدا . وهذا الكلام كله ليس دفاعا عن حسان دياب بل هو دفاع عن أمور أخرى تتجاوز اﻷشخاص واﻷسماء . وشكرا .

أيمن حجازي