أيمن حجازي

 بات من الواضح أن تشكيلة العقبات التي تعترض تأليف حكومة الرئيس سعد الحريري الثالثة، مزركشة وملونة باﻷلوان الطائفية الماورنية والدرزية والسنيّة.
وهذا ﻻ ينفي وجود عقبات أخرى قد تبدو حالياً هامشية أو أنها كامنة وقابلة للانبعاث تحت عنوان «ما استجد من عقبات». وقد مرّ على تكليف الرئيس الحريري تشكيل هذه الحكومة ما يقارب شهراً ونصف شهر حيث انتصبت العقبات المشار إليها وما زالت على صلابتها المشهودة التي تتغذى كل يوم بسيل المواقف الإعلامية التصعيدية والتغريدات المشابهة.
وبات البعض يعتبر أن ما يحصل اﻵن هو معركة مصير طائفي وسياسي يؤسس لمستقبل هذه الفئة أو تلك، وهو أيضاً يتجاوز موضوع اﻷحجام اﻵنية ليصل الى مشارف التأسيس لتثبيت معادﻻت تطاول بعض الأعراف التي تحتفظ بحقوق أو تفرط بها.
وعلى الرغم من أن المواجهات السياسية القائمة تبدو دائرة داخل الطوائف والمذاهب، فإن البعض يحلو له أن يظهر اﻷمر على صورة تدخل سافر من خارج اﻷطر الطائفية بغية التأثير بميزان القوى داخل هذه الطائفة أو تلك. وهاكم المعضلة الدرزية في التمثيل داخل الحكومة القادمة يراها الحزب التقدمي اﻻشتراكي ناتجة من دعم للأمير طلال ارسلان للحصول على المقعد الدرزي الثالث في أي حكومة ثلاثينية من خارج البيت الدرزي. وبالتالي فإن الطائفة الدرزية تتعرض من خلال كل ذلك لتدخل غير درزي يسعى إلى اﻻستحواذ على ثلث التمثيل الوزاري الدرزي من قبل من ﻻ يمتلك أكثر من ثمن التمثيل النيابي الدرزي في البرلمان الحالي.فيما يتهم أنصار ارسلان وحلفاؤه، وليد جنبلاط والحزب التقدمي اﻻشتراكي بمحاولة فرض أُحادية مجحفة في الساحة الدرزية.
وكما يتهم جنبلاط التيار الوطني الحر باصطناع كتلة نيابية للنائب طلال ارسلان من خلال اعارته ثلاثة من النواب المسيحيين في الجبل، فإن الرئيس الحريري وتيار المستقبل يتهمان قوى أخرى باصطناع كتلة النواب السنة العشرة من خارج تيار المستقبل. وتفند أوساط الحريري وهمية هذه الكتلة التي تجري لملمتها من كتل نيابية أخرى.
 وتضيف أوساط تيار المستقبل أن عدداً ﻻ بأس به من النواب العشرة قد استحصلوا على مقاعدهم النيابية الحالية بفضل الكتل الناخبة التي سخرت لهم من خارج الدائرة السنّية، ما يضفي على مقولة النواب العشرة من خارج تيار المستقبل طابع العبث بالتمثيل النيابي السنّي الذي ﻻ يرضى به التيار الوطني الحر (على سبيل المثال) عندما يطاول التمثيل النيابي المسيحي.
وبناء عليه، فإن تيار المستقبل يعتبر أن مقولة النواب العشرة ساقطة ﻷنها تضم إما نواباً مستعارين من كتل أخرى وإما نواباً «من كل واد عصا». وأن ما يدحض مقولة «المستقبل» المشار اليها يكون من خلال إقدام هؤﻻء النواب على تأسيس تكتل نيابي جدي وثابت على أن يتم شطب النواب المنضوين في هذا التكتل المفترض من كتلهم السابقة كي يتم تصحيح أعداد نواب تلك الكتل.
انها معركة من معارك خطوط التماس الطائفية والمذهبية التي تتخذ شكل العقبات الثقيلة التي تعترض طريق تشكيل حكومتنا القادمة على صهوة اﻻنتخابات النيابية الهجينة التي رفعت بورصات طائفية وخفضت بورصات أخرى لتكتمل عندنا صورة احدى الهدن التي تفصل بين حروب لبنانية سمجة ومملة ومتوحشة.