العدد 1448 /10-2-2021

حسن صبري الخولي ديبلوماسي مصري أوفد الى لبنان من قبل جامعة الدول العربية في صيف عام 1976حيث كانت الحرب اللبنانية في ذروتها . وقد رابط في العاصمة اللبنانية لبضعة أسابيع نسيه خلالها الناس الى أن ذكرهم به مصور صحافي التقط له صورة وهو "يشك " غاطسا في مسبح فندق بيروتي شهير . وكان البحث آنذاك في حل للخروج من الحرب اللبنانية المتداخلة عقيم جدا بما يماثل العقم التي أصيبت به اﻷزمة اللبنانية الحالية التي تفجرت منذ 17 تشرين أول 2019 . في تلك المرحلة من الحرب اللبنانية ، قدم الى لبنان موفدون كثر كان في طليعتهم اﻷمريكي دين براون والفرنسي جورج غورس الذي رافق وزير الخارجية الفرنسي اﻷسبق موريس كوف دومورفيل ... ولكن غورس بقي في لبنان لمدة أسبوعين تقريبا عل طريقة زميله حسن صبري الخولي أمضاها متنقلا بين السياسيين ورجال الدين من مختلف الطوائف باحثا ودارسا ، ولم يضيع وقته في الغوص والسباحة المائية بل كان يصرف الوقت في الغوص والسباحة في أعماق اﻷزمة اللبنانية .

ما يفعله الرئيس سعد الحريري اليوم في خضم هذه الحرب الصامتة والمنطلقة منذ 17 تشرين اﻷول 2019 معاكس لما فعله حسن صبري الخولي ودين براون وموريس كوف دو مورفيل وجورج غورس في أزمة 1975 - 1976 ... فالحريري لم ينتظر الموفدين العرب واﻷجانب في بيروت ، بل انه أوفد نفسه الى السعودية ومصر واﻹمارات وتركيا وفرنسا . في حين وصل الى بيروت نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني والتقى بالرؤساء الثلاثة ، في زيارة قيل أنها بمثابة جس نبض لعقد الدوحة 2 تكرارا لمؤتمر الدوحة 1 الذي عقد في أيار من عام 2008 . وعلى الرغم من نفي الموفد القطري لوجود مبادرة لحكومة بلاده حيال اﻷزمة اللبنانية فإن الأحاديث اللبنانية قد انطلقت بإتجاه الجهد الديبلوماسي القطري الذي تلى المصالحة الخليجية والذي يمكن له أن يتكامل مع المبادرة الفرنسية والجهود المصرية والعربية والدولية اﻷخرى ... وصولا الى الولادة الحكومية المتعسرة التي باتت هدفا بعيد المنال في ظل التكلس الداخلي اللبناني الذي أصاب مواقف اﻷطراف السياسية اللبنانية وفي مقدمها مواقف رئيسي الجمهورية والحكومة (المكلف) ميشال عون وسعد الحريري . ولكن قسما من المراقبين اللبنانين يرون أن اﻷزمة اللبنانية الحالية باتت أكبر وأعمق من أزمة تشكيل حكومة التي سيكون مطلوبا منها مجرد وقف اﻹنهيار وإيقاف التدحرج نحو القعر ، فهي أزمة بنيوية تطال النظام السياسي اللبناني . في حين تنطق التجربة أن التسويات في لبنان تولد على نار حامية ، وأن تسوية الدوحة 1 ما كانت لتتحقق قبل ثلاثة عشر عام لولا أحداث السابع من أيار آنذاك ، وان تلك اﻷحداث ما كانت تقع لولا قرارت حكومية صدرت في الخامس من أيار 2008 . وبناء عليه فإن الظروف اللبنانية الحالية غير مؤاتية للولوج في الدوحة 2 . وأن العوامل المحلية ما زالت تطغى على عقدة التشكيل الحكومي ، أما العوامل الخارجية فإنها حاضرة في كل ما من شأنه أن يعقد اﻷزمة المالية - اﻹقتصادية في البلاد .وهذا ما دفع الرئيس ميشال عون الى إبلاغ الموفد القطري بأنه مازال ينتظر زيارة الرئيس الحريري الى قصر بعبدا من أجل حسم الموضوع الحكومي الشائك .

يقال أن الموفدين الدوليين والعرب يحبون زيارة بيروت بعضهم للسياحة وبعضهم اﻵخر للسباحة وجلهم يبحث في أمور كان ينبغي على أهل الوطن أن يحلوها بأنفسهم لولا قلة العقل واﻷنانيات والسخافات اﻹنتحارية ﻷمراء الطوائف والمذاهب في دولة اﻹمارات اللبنانية غير المتحدة .

أيمن حجازي