العدد 1344 / 9-1-2019
أيمن حجازي

ايمن حجازي

على الرغم من التعب والإرهاق الذين سببتهما العاصفة "نورما" للمواطنين اللبنانيين ، فانها في المقابل أراحت ولو بشكل جزئي المعنيين بتأليف الحكومة اللبنانية المفقودة منذ أكثر من سبعة أشهر بفعل إنشغال الوطن بالتطورات المناخية العاصفة وما تلى ذلك من إنهماك لبناني مميز باطلاق النكات المتعلقة بهذا الحدث الطبيعي الهام . وقد فتحت أضرار العاصفة وخسائرها ومتاعبها جراح الحكومة وجراحيها وأورد المحتجون على أوضاع العاصفة التأخر في تشكيل الحكومة من ضمن الأسباب الرئيسة التي تقف وراء تلك الأضرار والخسائر دون أن ننسى الضعف والخلل في البنى التحتية اللبنانية كقضية مزمنة قيل أن مليارات الدولارات قد دفعت عليها دون نتيجة تذكر .

كل ذلك لم يحجب الحجم الكارثي لمأزق تشكيل الحكومة الذي وصل في أحد مشاهده الى حدود إغراق الرئيس المكلف سعد الحريري بخمسة اقتراحات من قبل وزير الخارجية جبران باسيل للخروج من المعضلة الحكومية . ما يكشف عن وجود ترف جدلي مفعم بالراحة من جراء الركون الى حكومة تصريف الأعمال الأنيقة التي تفعل فعلها ويسعى بعض الساسة والقادة الى تفعيل دورها تحت عنوان ضرورة إقرار الموازنة بالإستناد الى سابقة قانونية ودستورية حصلت في ١٩٦٩ أيام حكومة تصريف الأعمال التي كان يرأسها الرئيس الراحل الشهيد رشيد كرامي . في هذه الأثناء يمارس رئيس التيار الوطني الحر دور الوزير المؤلف في تشكيل الحكومة الموعودة ، وفق التسمية التي أطلقها الوزير السابق والنائب الحالي فيصل كرامي في إشارة منه الى تجاوز الرئيس المكلف من قبل الوزير باسيل عبر التدخل المباشر وغير المباشر في عملية تأليف الحكومة المكلف برئاستها حاليا الشيخ سعد الحريري . وقد غمز النائب كرامي من قناة كل الجهات الدينية وغير الدينية التي اعترضت على سعي النواب السنة الستة المحسوبين على معسكر الثامن من أذار وطعنت في استقلالية مطالبتهم التوزيرية .

... وهكذا رأينا أن العاصفة "نورما" قد اتخذت كغطاء غير متين للتعثر المتمادي في تشكيل الحكومة العتيدة . إلا أن حقيقة إضافية يجب أن يشار اليها في سياق الحديث عن التأخير أو التأخر في ولادة الحكومة ، حتى لو لم تكن متعمدة ، وهي حقيقة متصلة بانعقاد القمة العربية الإقتصادية ودعوة سورية الى هذه القمة ... فبعض القوى السياسية اللبنانية تطالب بأن يبادر لبنان الى توجيه الدعوة الى الحكومة السورية للمشاركة في هذه القمة ، في مقابل عدم رغبة قوى سياسية أخرى في هذهالمشاركة وفي مقدمة هذه القوى الرئيس سعد الحريري الذي لم يحتمل مصافحة السفير السوري في بيروت في قصر بعبدا خلال حفل إستقبال عيد الاستقلال . دون أن يلتفت الجميع الى أن مشاركة الحكومة السورية أو عدم مشاركتها أمر منوط بجامعة الدول العربية ولبنان لا يلعب في هذا السياق الا دور المضيف وناقل الدعوات ليس إلا . وفي المحصلة يبدو أن بعض الجهات السياسية اللبنانية غير منزعجة من انعقاد القمة الإقتصادية العربية في ظل حكومة لبنانية لتصريف الأعمال .

وكان لافتا للنظر دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظة الأحد الأخيرة الى قيام حكومة اختصاصيين بعد تعثر تشكيل حكومة سياسية للوحدة الوطنية العزيزة أو للوفاق الوطني المجيد ، وقد عاضدت هذه الدعوة موقف سابق دعا له حزب الكتائب اللبنانية بتشكيل حكومة تكنوقراط . وقد أُتبعت هذه الدعوة البطريركية الى حكومة إختصاصيين مع أنباء تحدثت عن عزم البطريرك الراعي الى عقد إجتماع للقادة الموارنة الذي درجت بكركي على الدعوة اليه عند إحتدام الأزمات خصوصا أيام الفراغ الرئاسي ليضم أربع جهات مسيحية مارونية هي التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية وتيار المردة وحزب الكتائب ... وهذا ما أثار تساؤلات شتى عن المغزى من عقد إجتماع ذو طابع طائفي خاص ( القادة الموارنة ) للتصدي لمشكلة سياسية لبنانية عامة مثل التعثر في تشكيل الحكومة اللبنانية ؟!؟ لعله يكون موسم العودة الى بكركي .