العدد 1372 / 31-7-2019
أيمن حجازي

تراكمت المشكلات السياسية التي تعترض الحكومة اللبنانية والعهد الحالي ، عهد الرئيس ميشال عون وحكومة الرئيس سعد الدين الحريري وشركائه في مجلس الوزراء بكافة تلاوينهم واتجاهاتهم السياسية . فمن حادثة قبرشمون الى عقدة المادة الثمانين من قانون موازنة عام ٢٠١٩ ، ومن أزمة وزير العمل مع العمال الفلسطينيين الى عرس يونين الدموي . وقد توج كل ذلك بقرار لجنة مهرجانات بيبلوس الدولية بالغاء احتفالاتها السنوية أو التي أطلق عليها هذا العام ( مشروع ليلى ) وذلك" منعاﹰ لاراقة الدماء وحفاظاﹰ على الأمن والإستقرار وفق ما جاء في البيان الصادر عن تلك اللجنة . وهذا ما كشف عن وجود خشية كبيرة على أمن البلد لا نعرف مدى صحتها وجديتها ... ولكن الإعلان عنها جاء في لحظة سياسية عسيرة زادت الأجواء تلبدا بالغيوم الحقيقية والإصطناعية على حد سواء .

فالتجاذب الحاد حول حادثة قبرشمون بلغ ذروته ، وتحول الى معركة تكسير رؤوس في دائرة التداخل الماروني - الدرزي . وقد وصلت شظايا هذه المعركة الى حصون الرئاسة الثالثة ما استفزرئيس الحكومة ونادي رؤساء الحكومة السابقين الذين ارتابوا في هذه الوقائع المعطوفة على معضلة المادة الثمانين من قانون موازنة العام الحالي . أما أنصار وحلفاء الزعيم وليد جنبلاط فرأوا أن حادثة البساتين تشكل فرصة سانحة أمام الوزير جبران باسيل لتنفيذ مزيد من التحجيم والتطويق لسيد قصر المختارة . في الوقت الذي ينسب الى مطلعين على أجواء الرئيس نبيه بري أن الأخير يعتبر أن طموحات رئيس التيار الوطني الحر ستهدد حصون قصر عين التينة في حال نجحت الخطوات المتخذة ضد رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي ، وهذا ما يفسر " الإنحياز " القائم في موقف حركة أمل والرئيس بري ضد إحالة حادثة قبرشمون الى المجلس العدلي . وفي المقابل يهمس خصوم جنبلاط الدروز ببعض التطلعات التي توحي بأن الفرصة حاليا سانحة لإنهاء التفرد الجنبلاطي بالساحة الدرزية من خلال إجراء محاكمة قضائية ومن ثم محاكمة سياسية للذين قطعوا طرقات الجبل في الثلاثين من حزيران الماضي .

وللإحاطة ببند المادة الثمانين من قانون الموازنة ، فإنه موضوع كبير ينطوي على شأن دستوري خطير ويمس المادة ٩٥ من الدستور التي توجب المناصفة في المجلس النيابي وفي مجلس الوزراء وفي وظائف الفئة الأولى حصرا . وقد تبين أن التيار الوطني الحر يجمد كل نتائج مباريات مجلس الخدمة المدنية تحت ذريعة غياب المناصفة عن هذه

النتائج , ما دفع بالمجلس النيابي الى تضمين موازنة العام ٢٠١٩ مادة تحفظ حق الفائزين في تلك المباريات وهذا ما أثار الوزير جبران باسيل والتيار الوطني الحر ودفعهما الى حث رئيس الجمهورية على الطلب من المجلس النيابي بتفسير المادة ٩٥ وفق " مقتضيات الوفاق الوطني " حسبما أكد العديد من النواب المقربين من قصر بعبدا .

ولكن الوزير باسيل وتياره يتغافلان عن حقيقة سياسية كبرى ، وهي أن الخلل الناتج عن المناصفة السياسية هو أكبر من الخلل الناتج عن عدد المسلمين والمسيحيين في الادارة اللبنانية , الذي يعتبر أمرا طبيعيا بفعل الفارق بين نسبة المسلمين ( حوالي ٧٠ بالمئة ) ونسبة المسيحيين (حوالي ٣٠ بالمئة ) . والظلم الواقع على سبعين بالمئة من اللبنانيين كبير جدا بفعل حرمانهم من نسبة تمثيلهم الحقيقية في المجلس النيابي وفي مجلس الوزراء وفي وظائف الفئة الأولى . وهذا الظلم لا يريد الوزير باسيل وفريقه أن يعترف به في مقابل إصراره على المناصفة في كل الهرم الإداري للدولة اللبنانية ... وهو ظلم لاحق بالمسلمين حتما وهذه حقيقة كبرى وجلية وصارخة وواضحة ولو كان زعماء وقادة المسلمين لا يريدون المجاهرة بها لأسباب شتى . والوزير باسيل لا يريد العد والتعداد لأنه يلوذ بفكر النوعية العنصري الذي ينطوي على أن هناك طائفة مسيحية ممتازة يجب أن تحظى بامتيازات دائمة ومتجددة .

ايمن حجازي