العدد 1442 / 23-12-2020

على هامش الصعوبة والتعقيد في تشكيل الحكومة ، ثمة أسئلة كبيرة تولد وتطرح . وتدور هذه اﻷسئلة حول إدارة العمل الحكومي في حال تمكن المسؤلون اللبنانيون من تشكيل الحكومة المفترضة . وذلك في ظل ساحة محلية تفجرت فيها جملة تناقضات انشطرت وولدت تناقضات رديفة عمقت اﻷزمة اللبنانية ونقلتها الى حيز اﻷزمة الكيانية التي تطال طبيعة النظام السياسي في ظل أحاديث متزايدة عن الفيدرالية الذي يتطلع إليها البعض بآمال عريضة .

ولو عدنا الى الثلاث سنوات اﻷولى من عمر العهد الرئاسي الحالي ومن عمر التسوية الرئاسية بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري فإننا نجد أن أي موضوع خلافي كان يجمد العمل الحكومي ويعطله لفترة من الزمن . وكان آخر تلك الفصول حادثة

قبرشمون بين الحزب التقدمي اﻹشتراكي وأنصار اﻷمير طلال إرسلانفي صيف عام 2019 ، ما أدى الى تعطيل إنعقاد مجلس الوزراء ﻷكثر من خمسة أسابيع . فكيف بنا وقد انفرط عقد التسوية الرئاسية وتباعد بعض الحلفاء عن بعضهم البعض وبات التصلب في المواقف هو العنوان اﻷبرز في تطورات الساحة اللبنانية . وهذا ما ينطبق على علاقة تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية وعلى علاقة المستقبل والحزب التقدمي اﻹشتراكي . في مقابل مزيد من التباعد بين مواقف حركة أمل والتيار الوطني الحر ، وحذر نسبي مقيم في علاقات حزب الله مع التيار الوطني الحر ودمار شامل في علاقات تيار المردة بالتيار الوطني الحر .

وفي موازاة كل هذه التباعدات ، يسجل مزيد من التلاقي بين حركة أمل والحزب التقدمي اﻹشتراكي ، و"رومانسية" سياسية بين حركة أمل وتيار المردة . في الوقت الذي شهدنا فيه تلاحما سياسيا طارئا بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية عندما طرح موضوع القانون اﻹنتخابي الذي يصر الجانبان فيه على التمسك بالقانون الحالي الذي أمن لهما إقتسام الجزء اﻷكبر من المقاعد النيابية المسيحية ولو على قاعدة ثلث بثلثين ( 15 مقعدا نيابيا لحزب

القوات وحوالي 30 مقعدا للتيار الوطني الحر ) . وقد لوحظ أيضا أن هذين الفريقين قد التقيا بـ موضوع التحقيق الجنائي في مصرف لبنان ما شكل علامة فارقة ميزت موقف حزب القوات عن مواقف حلفائه السابقين في معسكر 14 أذار من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة .

لا تقدم هذه المعطيات مؤشرات إيجابية عن مستقبل أي حكومة مقبلة ، وذلك تبعا لحجم وعمق اﻹنقسام السياسي القائم في البلد والذي سينعكس بكل سلبياته وإيجابياته على واقع العمل الحكومي . والبارز في هذا اﻹنقسام كان إعلان عدد من القوى السياسية وفي طليعتها حزب "القوات اللبنانية" عن سعيها لوضع لبنان في عهدة إنتداب دولي جديد . إبتداء من التحقيق في جريمة إنفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب الفائت ، ومرورا بتذليل العقبات من أمام تشكيل حكومة جديدة وفق مقاييس وأحلام الجماهير المحتشدة في جل الديب وباقي بؤر الثورة الملتهبة .

هل يسمح الشعب اللبناني وهل تسمح قواه الرافضة للتدخلات اﻷجنبية باللجوء الى هذا الخيار تحت وطأة اليأس من الطبقة السياسية الحاكمة ، وتحت وطأة الخوف من خيارات المواجهة المفتوحة مع الكيان الصهيوني من قبل قوى المقاومة الجهادية في المنطقة وتحديدا في لبنان وفلسطين ... وحيث أن خيار إستدراج اﻹنتداب اﻷجنبي الى الساحة اللبنانية يتم في بعض جوانبه تحت العنوان الطائفي البائس الذي يظن البعض أنه مازال صالحا للخدمة رغم كل التجارب التدميرية التي لحقت ببعض الطوائف اللبنانية نتيجة رهانات خاطئة وقاتلة ومدمرة لتلك الطوائف ولعموم الوطن الجريح .

أعجب للذين يتحدثون عن للتدويل دون أن يرف لهم جفن ، كيف أنهم لم يتعظوا من تجارب سابقة .

أيمن حجازي