أيمن حجازي

التعايش السياسي الذي بدأ منذ التوصل الى اتفاق على اجراء اﻻنتخابات الرئاسية اللبنانية التي كانت معطلة من ربيع 2014 الى خريف 2016... هذا التعايش أكمل طريقه في مهمة تشكيل الحكومة وفي التوصل الى تسوية صعبة ومريرة في القانون اﻻنتخابي وفي العديد من الملفات اﻷخرى. وقد شمل التعايش العديد من القوى الرئيسية في البلاد كان في مقدمها تيار المستقبل و«حزب الله» اللذان عملا منذ نهاية عهد الرئيس ميشال سليمان الى تهدئة اﻷرض والشارع اللذين كانا مضطربين على وقع العديد من الخلافات التي مر بها لبنان. 
اﻻ أن هذا التعايش يواجه هذه اﻷيام استحقاقات داهمة تحت وطأة المعركة الحاصلة في جرود عرسال بين «حزب الله» وجبهة النصرة ومجموعات مسلحة أخرى محسوبة على المعارضة السورية منتشرة في تلك المنطقة منذ سنوات.
وقد بدأت ملامح هذا اﻻستحقاق بالبروز اثر سقوط خمسة ضحايا سوريين، سقطوا خلال تنفيذ الجيش اللبناني منذ بضعة أسابيع عملية استباقية طاولت مخيمات للنازحين السوريين في عرسال. وقد عبر في حينها رئيس الحكومة سعد الحريري عن اعتراض على ما جرى في تلك العملية اﻻستباقية، ولكنه سرعان ما أكد أحقية الجيش اللبناني في المعالجة والمبادرة اﻷمنية وتحديداً في معالجة الجانب اﻷمني لمخيمات النزوح السوري في لبنان. وقد اعتبر هذا الموقف الحريري غطاءً سياسياً مهماً للجيش اللبناني الذي سعى الحريري إلى عدم الزج المباشر به في معركة جرود عرسال. وكانت النتيجة أن اشتعلت حرب عرسال بأقل قدر ممكن من المساهمة الميدانية للجيش اللبناني فيها. وقد اقتصرت ردود الفعل الخلافية بين «حزب الله» وتيار المستقبل على سجال محدود بين الوزير السابق وئام وهاب الذي عادة ما يرشح ويجند نفسه للذود عن «حزب الله»، وبين الرئيس فؤاد السنيورة. وكان اﻻمتحان الصعب في هذا الخضم متمثلاً في الهجوم الذي شنه الرئيس اﻷميركي دونالد ترامب على «حزب الله» في المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس سعد الحريري وفي نهاية مباحثات الحريري مع ترامب قبل بضعة أيام. اﻻ أن اﻻحراج الذي كاد أن يصيب موقف الرئيس الحريري من جراء هجوم ترامب على حزب الله لم يتحقق بسبب انضباط ذلك الهجوم وعدم انفلاته نحو مستويات تصعيدية أخرى دأب اﻷميركيون على بلوغها في مناسبات سابقة، وخصوصاً في ما يتصل بعنوان الإرهاب الذي غاب عن كلام ترامب في اطار الحديث عن «حزب الله» في ذلك المؤتمر الصحفي.
وهذا ما قد يدفع الى اﻻعتقاد أن مرحلة التعايش السياسي المشار إليها ما زالت قائمة، وهي على قيد الحياة، وأن تمرير الخلافات حيال العديد من الملفات يجري على قدم وساق وأن المرحلة ﻻ تحتمل غير ذلك. 
هذه المعطيات ترجح استمرار التعايش السياسي رغم الحروب والغبار الدخان المتصاعد في خطوط التماس اللبنانية - السورية وفي أكثر من ملف داخلي تزدحم فيه روزنامة اﻻستحقاقات القادمة منذ اﻵن وحتى أيار 2018 تاريخ حدوث اﻻنتخابات النيابية العتيدة التي تمثل سيركاً سياسياً شيقاً وفق احدى المسرحيات المعروضة في بيت الدين خلال الصيف الحالي وهي البلدة اللبنانية الواقعة في كنف الوﻻية التي يتزعمها وليد بيك جنبلاط.>