العدد 1402 / 26-2-2020


شهر رجب من الأشهر الحرم، ويرجع فضل هذا الشهر أن الله عزّ وجلّ قد فضّل الأشهر الحرم عن سائر شهور العام وخصّصها بمزيد من الإجلال والإكرام، وفضّل فيها الإكثار من فعل الخيرات وترك المنكرات والابتعاد عن الاقتتال والتناحر حيث إنه يُعد مقدمة الاستعداد لشهر رمضان المبارك، وفرصة لتعويد النفس والجوارح وتدريبها على العبادة الصحيحة والطاعات بمختلف صورها، من صيام وصدقة وقيام ليل وقراءة القرآن الكريم، وذلك حتى يدخل المسلم في جو العبادة، لينال رضا ومغفرة ورحمة الله تعالى.

والواجب على المسلم أن يعرف قدر هذا الشهر الحرام، كما يجب عليه أن يحذر من المعصية فيه، فإنها ليست كالمعصية في غيره؛ والعاصى فيه آثم، كما قال سبحانه: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ..} أي: ذنبٌ عظيمٌ، وجرم خطير، فهو كالظلم والمعصية في البلد الحرام، ويستحب فيه الصيام والقيام بالأعمال العبادية وضرورة تجنّب المعاصي والبُعد عن الرذيلة، ويستحب للمسلم في رجب الإكثار والمواظبة على ما ثبتت به السنّة في سائر الأيام من نوافل الطاعات، صلاة، صيام، صدقات وغيرها من القربات.

ولهذا فينبغى على المسلم أن يكون في هذا الشهر أكثر ابتعادا عن الذنوب والآثام، وتوقّيا لكل ما يغضب الله؛ ويبتعد عن ظلمه لإخوانه بالاعتداء عليهم ، أو أكل أموالهم وحقوقهم، أو الولوغ في أعراضهم، ونهش لحومهم، وتتبّع عوراتهم، وإفشاء أسرارهم، وإلحاق الأذى بهم، ويبتعد عن ظلمه لنفسه، والإساءة إلى شخصه؛ بمعصيته لخالقه، وخاصة ما يتساهل فيه بعض الناس من صغائر الذنوبِ، هذا وكما أن المعاصي تعظم في الشهر الحرام، فكذلك الحسنات والطاعات تعظم وتضاعف في هذه الأيام، فالتقرّب إلى الله عزّ وجلّ بالطاعة في الشهر الحرامِ أفضل وأحب إليه سبحانه من التعبّد في سائر الأيام.

فالمسلمون في كل أرجاء الأرض مطالبون بأن يمتثلوا لهذه التعاليم الربانية ويكفّوا عن حمل السلاح ضد بعضهم البعض، وأن يتقوا الله في محارمه وألا يعتدوا على غيرهم، وأن يكون هذا الشهر فرصة لهم للتدريب على الطاعات لنستقبل بهذه الحالة الإيمانية شهرا كريما بعده هو شهر شعبان، وكلاهما موصل في سلم الوصول بالطاعات إلى نيل فضيلة شهر رمضان الكريم بعدهما، ما أجملها من طاعة بعد طاعة لينعم المسلم برضوان الله تعالى عليه فيسعد في دنياه وأخراه.