عبد القادر الاسمر

أما وقد انتهت دورة الالعاب الاولمبية الرياضية في البرازيل، تفرقت الحشود المشاركة في هذه الألعاب وعمدت الدول المشاركة لكشف حساب رياضييها ومعرفة عدد الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية التي نالتها، فإن في موازاة هذه الألعاب والنتائج التي استحقتها كل دولة ميداليات خاصة انفرد بها العرب توزعت على مجموعة من «الانجازات الضخمة» التي سُجلت باسمها هي فقط.
فقد حاز العرب «الميدالية التنكية» لأعلى نسبة من الأميين والعاطلين من العمل وحيرة آلاف الشباب الجامعيين في مصيرهم المبهم. ونال العرب «الميدالية الخشبية» في نسبة عدد المهاجرين في قوارب الموت الى أوروبا، ونال لبنان «الميدالية الكرتونية» باستقباله مليوناً ونصف مليون نازح سوري ووجود نحو 400 ألف لاجئ فلسطيني.
ونالت سوريا «الميدالية التنكية» على نسبة عدد القتلى في حرب الابادة، التي ليس لها مثيل في أي دولة، وخاصة بوجود رئيس يعمل على تدمير مدنه وشعبه. وأما في مجال المعتقلين في السجون السورية، فإنها أيضاً تفوز «بالميدالية التنكية» باعتقال آلاف الشباب، حيث تؤكد منظمة انسانية عالمية وفاة نحو 300 معتقل كل شهر تحت التعذيب والتجويع والاذلال. فيما تفوز مصر «بالميدالية الخشبية» في هذا المجال، حيث تعج سجونها بآلاف الشباب وبرئيس منتخب ديمقراطياً.
ونال معظم الزعماء العرب «الميدالية التنكية» الأولى في الكذب على شعوبهم، حيث رفعوا شعار «وحدة، حرية، اشتراكية» وليس هناك من وحدة بل شرذمة وتقسيم وحرية معدومة وخدعوا شعوبهم بشعار «ثورة حتى النصر» الذي كان ستاراً لكل الممارسات الاستفزازية على شعوبهم إكراماً لقضية فلسطين.
ويحوز العرب أفخر الميداليات لحكامٍ مدى الحياة، وتنال دول الخليج العربي «الميدالية الأولى» في ثروة البترول التي لا يستفيد منها ملايين العرب المنكوبين والأميين والمرضى المزمنين. ويتميز لبنان بحصوله على أكثر من ميدالية في وجود قوى عسكرية إلى جانب الجيش الوطني وما يسمى«سرايا المقاومة» التي تفتخر بجيش يزيد على عتاد وعديد الجيش اللبناني، ويدعون أنهم «حماة الديار»، وليس في أي دولة مثل هذا الخليط من الجيوش الخارجة عن القانون، و«ميدالية خشبية» أخرى للبنان على رقم قياسي لخلو بعبدا من رئيس للجمهورية منذ سنتين وبضعة أشهر.
وميدالية أولى للبنان على فوزه بالمرتبة الاولى لأعلى نسبة من الفساد والسرقة والسمسرة ونهب المال العام.
ويفوز العرب بالمرتبة الأولى أيضاً على بقاء الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين وعدم القيام بأية مجابهة، بل انهم على العكس من ذلك يتعاملون معهم جنباً إلى جنب ضد الانتفاضة في غزّة واعتقال كل مسلّح يتسلّل من الأردن الى الضفّة الغربيّة أو من الجولان في الحدود السّوريّة.
إنها ولا فخر ميداليات التخاذل العربي، وليس في دول العالم مثل هذه البلاد العربية الّتي أصبحت سجناً كبيراً، سجانه عملاء للشرق والغرب ليحافظوا على كراسيهم وعروشهم ولو على حساب شعوبهم وتدمير مدنهم وتهجير أحيائهم. 
ان الأحداث التي يمر بها وطننا العربي هذه الأيام تنذر باهتزاز مواقع القوى لانصراف أميركا عن تأييد دول الخليج في حربها ضد الحوثيين في اليمن، والتعاون مع الغزاة الروس وميليشيات إيران من أجل تمزيق سوريا وإقامة اتفاقية سايكس-بيكو جديدة تفتّت الوطن العربيّ لصالح الكيان الاسرائيلي، وهذا ما يمنح الحكاّم العرب «الميدالية الخشبيّة» في خضمّ الالعاب الدمويّة الاجنبيّة على أرضهم.