عبد القادر الأسمر

كثيرون كتبوا عن أوّل رحلة قام بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى الرياض وجلب خمسين رئيساً وملكاً وأميراً خلال بضع ساعات لينصتوا لتعليماته ومشاريعه في كيفية التصدي للإرهاب والتطرف، والأهمّ من ذلك مواجهة التمدّد الإيراني في البلاد العربية.
ولم تكن في القمّة العربية الإسلامية الأميركية من أهداف سوى ما قرّره الرئيس ترامب ووافق عليه الحكّام العرب والمسلمون والّذين باتوا يتحمّلون مسؤولية القضاء على الإرهاب في بلادهم والتّصدّي لأطماع إيران في المنطقة.
وليحلّل غيرنا ما شاء من نظريات واستنتاجات حول هذه القمم الثلاثة الّتي شهدتها الرياض وما رافقها من اتفاقيّات بلغت قيمتها 480 مليار دولار منها نحو 110 مليارات تدفعها السعودية لمعامل السلاح الأميركية التي كانت تشكو من البطالة فأتت هذه الاتفاقية لتجدّد لها نشاطها وإنتاجها من أسلحة متقدّمة لن يصيب العرب أكثرها تطوّراً لأنّها حكر لإسرائيل.
ولن نتطرّق إلى الغبطة الإسرائيلية من هذه القمم التي لم تشر إلى العدوّ الاسرائيلي، وأنباء المضربين عن الطعام، وعمليات القتل والهدم التي يتعرض لها السكان في فلسطين مما أثار سخط الناس وحنقهم وتأسفوا على إغفال الأمة العربية والإسلامية قضية أبناء فلسطين المحاصرين وقضم أراضي الضفة الغربية للمستعمرات وتهويد القدس والخشية من إقامة تحالف عربي إسلامي-يهودي كما تسعى أميركا في مواجهة إيران تحت ذريعة القضاء على الإرهاب والتطرف وما فطنوا أنّ مثل هذه المخططات، وما أسفرت عنها هي أحد الأساليب الآيلة إلى نشوء متطرفين جدد يعاهدون الله على التصدي لمن خان قضية العرب والمسلمين «فلسطين». 
وماذا عن المئة مليار دولار التي انتزعت من أفواه العرب والمسلمين الذين لهم الحق المشروع في هذا المال وليس حكراً على الحكام وإنّما هذه الثروات ملكٌ للعرب والمسلمين. وماذا ينفع هذا السلاح سوى في اشتعال حرب لا تبقي ولا تذر يذهب العرب والمسلمون ضحيتها كرمى عيون الصهيونية العالمية.
وماذا كانت هذه المليارات المئة تفعل في بلاد العرب والمسلمين الذين يشكلون الجهل والجوع والمرض. فمنها نبني مئة مستشفى فاخر بقيمة 500 مليون دولار تنتشر في كافة المناطق العربية تحقّق فرص عمل لآلاف الأطباء والممرضين وتؤمّن الطبابة المجانية للمصابين بالأمراض المختلفة التي تنتشر في الصومال وأفريقيا. 
ومن هذه المليارات نبني ألف مدرسة بقيمة مليار دولار تقضي على الجهل وإقامة الطرق العريضة «الاوتوسترادات» بطول عشرة آلاف كيلومتر بقيمة 500 مليون دولار وتشييد 50 ألف منزل بقيمة ملياري دولار وتأسيس عشرة آلاف مسرح برأسمال قدره عشرة آلاف دولار تؤوي آلاف العاطلين عن العمل وتحقّق الاستقرار الاجتماعي والنفسي.
ولم يقتصر الأمر على هذه المليارات بل وصل الأمر إلى أقصى حالات التبذير عبر تقديم هدايا الى ترامب وحاشيته: قدّم الملك السعودي مسدساً من الذهب الخالص والنادر في العالم عليه صورة الملك سلمان بن عبد العزيز، وسيفاً من الذهب الخالص المرصع بالالماس والحجارة النادرة وزنه يزيد على 25 كلغ من الذهب يفوق ثمنه 200 مليون دولار. وقد أصر الملك السعودي على أن تكون هذه الهدايا شخصية لترامب وألا يتم وضعها في متاحف أميركا بل تكون ملكاً شخصيًا للرئيس الأميركي.
كل هذه المنح والعطايا إرضاءً للوفد الاميركي الذي يحث العرب على قتال ايران وحدهم. ولم يذكر البيان الختامي أي إشارة للعدو الاسرائيلي وقضية فلسطين.
وتريدون بعد ألا ينشأ ناقمون ومتطرفون يقضّون مضاجع هؤلاء السفهاء الذين فرّطوا بنحو 500 مليار دولار هي حقّ للعرب والمسلمين. ويا أمّة ضحكت من جهلها الأمم.}