د. صلاح الدين ارقه دان

>إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ<.
لم تتلوث الجماعة الإسلامية في لبنان بأوساخ الحرب الأهلية.. واكتفت بالدفاع عن أهلها في مدن وقرى لبنان، ولم تعتد على أحد.. 
جاهدت ضد العدوّ الإسرائيلي حتى طهرت بيروت والبقاع الغربي والعرقوب وصيدا من رجسه.. 
ووقفت في وجه الانعزاليين حلفاء العدوّ الإسرائيلي.. 
لم تقتسم جبنة المغانم.. ولم تصادر .. كما لم ترض بمصادرة صلاحيات الدولة وتعطيل دوائرها.. 
لم تفرض خوّات عبور ولا مرفأ.. ولم تشارك فيها.. 
عملت على إعادة المهجرين الذين هجرتهم حروب العدوّ الاسرائيلي وحلفائه.. 
لم تساهم ولم ترض بأية تفرقة مذهبية بين المسلمين خاصة واللبنانيين عامة.. 
اعتصمت بالصمت أمام  سباب واتهامات الحاقدين والماكرين.. مع امتلاكها لكل مقوّمات الرد وتفنيد الاتهامات ورد السهم المسموم إلى عنق مطلقه.. 
حاربت ثقافة الحقد والكراهية بسلسلة من المؤسسات الثقافية والتربوية والمجتمعية التطوعية التي تنشر الخير والمحبة.. 
لم تميّز في خدماتها عام 2006 بين مهجّر وآخر قدموا إلى صيدا وبيروت وإقليم الخرّوب وطرابلس والضنية وعكار والبقاع الغربي.. لم تسأل أياً منهم عن انتمائه الحزبي ولا دينه ولا مذهبه.. واستضافتهم كما يقتضي خلق المسلم.. 
لم ترض بحرب المخيمات.. وحاولت إيقافها.. ولا بحرب إقليم التفاح (بين الحزب وأمل ) وحاولت إصلاح ذات البيْن.. 
ولابتقطيع أواصر الوطن وجدار برلين بين الشرقية والغربية.. 
وحدها (الجماعة الإسلامية) طرحت مشروع تفاهم بين صيدا وجزين عام 1985.
ووحدها طرحت مبادرة للدفاع الوطني عام 2006.
وحدها ضحت في كل الانتخابات النيابية السابقة من أجل وحدة الصف الوطني والإسلامي.. 
وحدها (الجماعة الإسلامية) قدمت خدماتها الاجتماعية لكل شرائح المجتمع وأطيافه، مع حصار مالي غير مسبوق، أدواته محلية تدعي الشفافية، وهي باطنية تخدم الخارج.. 
وفي الوقت الذي ذهب فيه البعض ليغتالوا الشعب السوري ويدمروا مدنه، وليتابعوا سياسة العدو الإسرائيلي في تهجير مخيمات دمشق.. كانت الجماعة بقيادييها ومؤسساتها وأفرادها تبلسم جراح الضيوف السوريين وتتحمل أذى المسلحين الذين هجروهم قسراً وتتبعوهم في لبنان.. 
ضرب (المهيمنون على القرار) سوراً حول دار الفتوى ومؤسساتها ضد الكفاءات التي تنتمي إلى الجماعة الإسلامية خاصّة.. ومع ذلك بقيت الجماعة وفيّة لدار الفتوى وللأوقاف وللمحاكم الشرعية لما تمثله من رمزية .. لا تبتغي من غير الله حمداً ولا شكورا ..  
موقفها المشرف من غزوة عبرا الظالمة ومتابعة ملف المظلومين لم يسبقها إليه أحد، ولم يجارها فيه أحد.. 
ثم يأتي الآن من يرشقها بتهم لا تصدق إلا عليه.. ولا تليق إلا به.. 
فقط لأنها تريد أن تمارس حقها الدستوري الوطني في تمثيل جمهورها.. ولأنها تمدّ يدها جسر تعاون مع جميع أبناء الوطن بلا تمييز عنصري ولا طائفي ولا مناطقي.. 
فقط لأنها تملك هذا التاريخ الناصع النظيف..  وهي في هذا المعترك معتصمة بالصمت متمثلة قول الامام الشافعي (رحمه الله): 
يُخَاطِبني السَّفيهُ بِكُلِّ قُبْحٍ
فأكرهُ أن أكونَ له مجيبا 
يزيدُ سفاهةً فأزيدُ حلماً 
كعودٍ زادهُ الإحراقُ طيبا