عبد القادر الأسمر

ما زال المواطن اللبناني ينتظر وعود نوابه ووزرائه بأنهم سيلتفتون الى معالجة الشأن  الاقتصادي والهم المعيشي بعد أن استغرقوا الأشهر الماضية في صراع حول القانون الانتخابي الأكثر مواءمة لهم ولحساباتهم الانتخابية. وأكدوا أنهم سينصرفون بعد عيد الفطر الى استنفار الجهود وحث الوزارات المعنية على الالتفات لمطالب الناس وأنه- على حد قولهم- حان الأوان لكي يستجيبوا لمطالب الشعب المزمنة بعد طول اصطبار.
ولم تصدق الوعود حتى الآن وما زال النواب ومجلس الوزراء والسياسيون رهن القانون الانتخابي الجديد الذي اعتمد النسبية في 15 دائرة والذي رغم أنه قد تمت الموافقة عليه في مجلس النواب إلا أن هناك العديد من السياسيين يطالبون بتصحيح بعض الشوائب على الرغم من أنهم شاركوا في إخراج القانون.
وعاد الحديث المبكر عن التحالفات الانتخابية قبل 10 أشهر من موعد الانتخاب في شهر أيار المقبل، ولم يعد السياسيون مهتمين بأحوال الناس وأوضاعهم، فالمعركة الانتخابية القادمة هي مصيرية لمختلف القوى السياسية التي لا تزال تحسب من ماكيناتها الانتخابية حجم كتلها والنتائج المرتقبة أو مقدار أرباحهم وربما خسارتهم لبعض المقاعد، ما جعلهم يحرصون على مغازلة الكتل الأخرى في عدد من الدوائر الصعبة. ويحكى عن تحالف بين الأعداء مثل القوات اللبنانية وتيار المردة من أجل إحراز عدد أكبر من النواب. ترى ما شأن المواطن اللبناني في هذه الهمروجة التي لا يعنيه من أمرها شيء. فهي لا تحقق له سوى تكريس سيطرة بعض رموز الفساد الذين سيتكتلون في مواجهة أي طارئ فضولي يريد أن يجد لنفسه موطىء قدم في مجلس النواب. ترى كيف سيقترع الناس رغم أننا أمام محاولات يائسة من قبل المتخصصين في شرح كيفية الاقتراع باللوائح؟ وماذا عن الصوت التفضيلي البدعة، ما جعلنا نعتقد أننا في مصاف الدول الراقية شكلاً ولكننا لا نزال في المضمون من الدول المتخلفة والفاسدة التي ظلمت شعبها وتناست همومه وأحواله؟ ترى أين وعود إصلاح الكهرباء بعد المليارات العشرين من الدولارات التي خصصت لهذا القطاع، ولا نزال نتخبط في ايجاد حل لها؟
أين «سلسلة الرتب والرواتب» التي وعد رئيس المجلس نبيه بري بإصدارها في أولى جلسات المجلس؟ يبدو أن هناك مزيداً من التعقيد لإدراج المتعاقدين فيها وهذا سيستغرق شهوراً اضافية و«الشبعان يفتّ للجوعان فتّاً بطيئاً».
إنّه بلد غريب عجيب فيه عشرات الآلاف من العائلات أصبحت تحت خط الفقر والدولة تدفع من مال المواطنين مليارات الدولارات دعماً لما يسمى «مهرجانات الصيف» تعويضاً عن خساراتها المزعومة وهذا سوق المواطنين لسلطة المال العام بشكل قانوني وما على المواطن اللبناني إلا أن يبارك لأصحاب هذه الحفلات التي ينالونها دعماً للسياحة. علماً أن الثمن المتوسط للبطاقة يزيد على المائة دولارعلى الأقل. وعلينا نحن التعساء أن نحيي هذه الجهود المباركة التي تضع اسم لبنان عالياً رغم ما يشوبه من إنحلال وظلم وقهر. إنه بلد التناقضات فبالاضافة الى تعاسة أحوال الاسر اللبنانية فإن هنالك فئة من الباطرين تشتكي الى وزارة الاقتصاد سعر الدخول الى المنتجعات الفخمة بـ40 ألف ليرة. ويساهم السلاح المتفلت في زعزعة الاستقرار مع اعتراف وزير الداخلية نهاد المشنوق بأن مطلقي النار الذين قبض عليهم فرع الامن الداخلي يُفرج عليهم فوراً بسبب تدخلات سياسية رغم ما سببوه من أذى وضحايا، بدل السعي الى اطلاق الموقوفين الاسلاميين المظلومين. لقد آل المواطن اللبناني على نفسه أن يغيّر نوابه ويدعم مرشحي المجتمع المدني في وجه زعماء الفساد والهدر. وإن موعد شهر أيار 2018 لقريب.}