عبد القادر الاسمر

إن المطّلع على أحوال أمتنا العربية والإسلامية لا بدّ أن يصاب بالهلع والرعب مما آلت إليه من تشتت وفرقة وتناحر وهوان أمام أعدائها ونحن الذين كنّا نمتثل لقول الله تعالى >وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوّكم< فصرنا أشتاتاً متفرقين يرهبنا الاعداء ويمزقون وحدتنا وصفّنا لبعدنا عن كتاب الله وبعد أن كنّا خير أمّة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر صرنا في ذيل الأمم نتجرّع ذلّ الهوان ومرارة الفرقة والانقسام  لأن حكام العرب صمّ بكم عمي فهم لا يفقهون.
ما بال أمتنا أصابها الوهن والاستخذاء والخنوع والامثلة كثيرة عن اصابتنا بهذا البلاء لعلّ من أبرزها صمتنا عن اغتصاب اليهود لأرض فلسطين عام 1948، ومن قبلها تقسيم المنطقة العربية الى دويلات وفق مؤامرة سايكس-بيكو عام 1916 وهدم الخلافة الإسلامية عام 1924 وهزيمة العرب في حزيران 1967 لأنّ حكام العرب صمٌّ بكمٌ عميٌ فهم لا يشعرون.
وبعد تحويلهم الى شعوب متنافرة، زُرعت في خاصرتهم دولة يهودية تلقى الدعم من أميركا وروسيا والدول العظمى، فيما حكامنا منشغلون بقمع شعوبهم والتنكيل بالاحرار وتكديس الاسلحة بمليارات الدولارات في المستودعات  والتي لم تقم بدورها المفترض لتحرير فلسطين بل كانت خير حارس لهذا العدو في الجولان والضفة الشرقية وسيناء في الوقت الذي تمنع من تقديم المساعدة لأهلنا المحاصرين في قطاع غزّة.
ولا تخلو أمتنا من الشرفاء والغيورين على أهلنا في غزّة والذين صدق فيهم قول الله تعالى >من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا< صدق الله العظيم.
من هؤلاء المؤمنين الذين تفتخر بهم أمتنا الشهيد البطل محمد الزواري من تونس بلد البطل محمد بو عزيزي الذي فجر بإحراقه لنفسه ثورة الربيع العربي في عدد من البلدان العربية. لقد اخترع الزواري طائرة الابابيل بدون طيّار والتي استخدمتها «حماس» في تصدّيها للعدو الاسرائيلي وكان مصيره الاغتيال على يد الموساد الاسرائيلي في تونس في 15 كانون الاول 2016 كما اغتالوا من قبل الزعيم الفلسطيني أبو إياد وغيره من قادة المقاومة ولم نسمع أي احتجاج على عمليات الاغتيال هذه، ما يؤكّد أنّ اليهود يسرحون ويمرحون في بعض الدّول العربيّة ولكأنّ الشهيد الزواري مجرم في اختراعه هذه الطائرة وهو الّذي يستحقّ التنويه والاشادة به والاحتفاء ببطولته لأنّ حكام العرب صمٌّ بكمٌ عميٌ فهم لا يفهمون.
ويبشرنا الرئيس العتيد لأميركا دونالد ترامب بأنه سيتصدى لقرار مجلس الأمن وقف بناء المستعمرات في القدس والضفة الغربية ويعلن عزمه على نقل السفارة الأميركية الى القدس الشرقية لتثبيتها عاصمة لإسرائيل وهذه رسالة الى حكام العرب تضافُ الى مسلسل مواقف أميركا الداعمة لهذا الكيان لأنّ حكام العرب ليسوا أهلاً للحكم. 
ويستمر الكيان الاسرائيلي بحفر الانفاق تحت المسجد الاقصى بحثاً عن هيكل سليمان المزعوم حتى لو انهار هذا المسجد. ترى، هل سيكون للعرب والمسلمين وقفة عزّ ولو لمرّة واحدة؟ ولن يقف حكام العرب هذا الموقف لأنّهم صمٌّ بكمٌ عميٌ فهم كالعبيد.
إننا في طرابلس المجاهدة نحيي هيئة التضامن مع مآذن القدس وفلسطين التي استنكرت قانون منع الضوضاء على المساجد وتضامن الفعاليات الاسلامية والمسيحية ومواقفها المشرّفة، فيما العرب صامتون، وحكّامهم متشبّثون بالكراسي برضى الصهيونية العالمية، ولن يصلح حالنا إلا باستعادة وحدتنا وتفريغ سجون الحكّام من المعتقلين الاحرار والمؤمنين والاستعداد لمجابهة عدوّ العرب والمسلمين بإيمان وإخلاص وإطاحة الحكام العرب لأنهم صمٌّ بكمٌ عميٌ فهم أعداء شعوبهم.
ولا يسعنا في هذه المناسبة إلا أن نجدّد دعاءنا بأن يرحم الله الشهيد الزواري وكذلك المجاهد الفلسطيني الشاب سائق الشاحنة التي أطاحت ستة جنود اسرائيليين, ولم يتأثر حكام العرب لأنهم عملاء وفاسدون.