عبد القادر الأسمر

إنه لأمر مثير للشفقة والغيظ أن نسمع هذا التراشق الإعلامي غير المبرر بين زعيمي الطائفة الإسلامية السنّية الرئيس نجيب ميقاتي والرئيس سعد الحريري، ما أحبط الشارع السنّي فوق إحباطه في هذا العهد ورسم علامات استفهام حول الفائدة المرجوة من هذه المعارضات.
لقد ملَّ المسلمون السنة من تلهي زعاماتهم بترصد بعضهم بعضاً يسجلون الأخطاء والتربص بالهفوات، وإن كان بعضهم يعتبرها خطايا غير مقبولة وخيانة لأمانة من يمثلهم وهبوط مؤشر التأثير السنّي في هذه الدولة، ولن أعيد تكرار ما قاله الرئيسان ميقاتي والحريري حتى لا نسهم في تأجيج الخلافات التي تزيد في الشرخ الشعبي لكلا الرئيسين والتي دفعت المستنيرين والحكماء من أبناء هذه الطائفة إلى الانسحاب من الحالة التي بقي فيها الرئيسان.
ومما يؤسف له أن يكون وضع السنّة المترنح يأتي في وقت تقوى فيه شوكة سائر الطوائف والمذاهب وينعم الثنائي الشيعي أمل و«حزب الله» بشهر عسل بل بسنين عسل لتوزيع الأدوار في الإفادة من الدولة ومؤسساتها والانقضاض على مختلف الوظائف وفرص العمل والقرار مع استمرار «دور» مجلس الجنوب الذي صُرف له مليارات الليرات دون مراقبة أو كشف حساب حول عشرات المتعاملين معه فيما المسلمون السنّة يشكون تخلي نوابهم ووزرائهم عنهم، ليس من باب التقوى وتحريم الراتب بدون عمل، بل بالمواقف الخجولة التي نكرت السنّة.
ونعود الى التوتر الاعلامي حول إحباط السنّة الذي اتهم به الرئيس ميقاتي الرئيس الحريري مشيراً لتخليه عن فرض وزراء في وزارات معينة فكان للسنّة إلا وزارة الداخلية ووزارات هامشية. ويهمز الرئيس ميقاتي الى تخليه عن صلاحياته لمصلحة رئيس الجمهورية وعدم إبداء الرأي في وظائف الفئة الأولى والسفراء والقضاة والمديرين العامين وصمته عن مطلب العطلة يوم الجمعة وتمرد بعض الوزراء عليه بذهابهم الى سوريا على أننا نتمنى على الرئيس الحريري ألا يصعّد المواقف  ضد الرئيس ميقاتي في الجلسة التي ستعقدها الحكومة في طرابلس قريباً ما يؤكد إحباط السنّة.
هذا المشهد المؤثر لوضع السنّة في لبنان يقابله تضامن مسيحي جاد، وخصوصاً بين القوات اللبنانية والتيار العوني، بدأ بترشيح جعجع للعماد عون رئيساً للجمهورية، ولقد كان ما كان من دماء بينهما في حروب شتى قبل أن يهرع الرئيس الحريري الى تعويم هذا الترشيح «حفاظاً على المصلحة الوطينة» والتي كان السنة يأملون أن يحقق هذا الترشيح فائدة لهم على مختلف المستويات.
لقد تخلى القواتيون والعونيون عن عدائهم السافر وحرصوا على عدم اهتزاز الدولة ووُضع لهم أغنية «أوعَ خيّك» التي تحثّ الزعيمين المسيحيين على احتضان بعضهما بعضاً وتقول كلمات الأغنية:
«أوعَ خيّك 
كنت وكان عايش معي
خيي بنفس العمر والأوضة
نفس الهمّ والحب والأصحاب
ذات الدم والمي والتياب
منلحق طرقات منعبّي ساحات 
إيدي بأيدو منقطف شجر من هون
إيدي بإيدو منرسم بذات اللون
وفوق التخت صورة
صورة بشير وسمير وعون»
فمتى يستكين رؤساء حكوماتنا ويأتلفون على خدمة أبناء طائفتهم ويعتبرون من انهيار نسبة علاماتهم لدى المسلمين السنة الذين أصبحوا غير مبالين بما يحدث بزعمائهم.
أكتب هذا الكلام من أجل أن يستعيد رؤساء حكوماتنا دورهم ويعودوا الى أبناء طائفتهم. لقد آن الاوان لأن يتخذ نوابنا وزعماؤنا الموقف الرائد ويخبطون الأرض بأقدامهم ويجأرون بصوتهم «نحن هنا»؟}