العدد 1514 /1-6-2022

د. وائل نجم

كرّس المقدسيون والشعب الفلسطيني بمقاومته من خلفهم إنجازاً جديداً يُضاف إلى سلسلة الإنجازات التي راكمتها المقاومة الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة الماضية في صراعها مع الاحتلال الإسرائيلي من أجل التحرير والعودة وبناء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

فمسيرة الأعلام التي خطّطت لها ونفّذتها مجموعات من المستوطنين الإسرائيليين يوم الأحد في التاسع والعشرين من أيّار منحت الفلسطينيين فرصة كرّسوا من خلالها معادلة جديدة يمكن أن نطلق عليها معادلة الأعلام في مقابل مسيرة الأعلام، وذلك عندما تمكّن الشعب الفلسطيني بمقاومته على اختلاف أنواعها وتشكيلاتها المدنية والعسكرية والإعلامية من فرض معادلة جديدة في مدينة القدس المحتلة وهي معادلة أعلام فلسطينية في سماء القدس وأحيائها في مقابل مسيرة الأعلام التي أراد المستوطنون من خلال المسيرة التي حشدوا لها من مختلف "كيبوتساتهم" إلى باب العمود وحائط البراق وبرعاية قوات الاحتلال وحمايتها ليكرّسوا ما يعتبرونه سيادة "دولتهم" على القدس بقسميها الغربي والشرقي، فإذا بالأعلام الفلسطينية ترفرف في أغلب أحياء القدس الشرقية وفي باب الساهرة والعمود وباحات الأقصى وغيرها من الأماكن في القدس فضلاً عن رفرفة العلم الفلسطيني عبر طائرة مسيّرة صغيرة فوق آلاف الأعلام الإسرائيلية وقد أصاب حامليها نوع من الدهشة وهم يراقبون العلم الفلسطيني يرفرف فوقهم حتى كادت أعلامهم تسقط من أيديهم. كما وأنّ الشبّان المقدسيين فرضوا معادلتهم لا سيّما في شارع صلاح الدين عندما رفعوا عشرات بل مئات الأعلام الفلسطينية في تظاهرة تحدّت شرطة الاحتلال ومستوطنيه، بل ورُفعت الأعلام الفلسطينية على الكثير من المباني الفلسطينية في القدس. إنّها ببساطة معادلة جديدة أعلام فلسطينية في القدس في مقابل مسيرة الأعلام الإسرائيلية لتأكيد أنّ القدس عاصمة فلسطين الأبدية ولا تنازل أو تفريط بها، ومع تسجيل نقطة إضافية لصىالح الفلسطينيين وهي أنّ العلم الفلسطيني رفرف في سماء القدس فوق كل الأعلام الإسرائيلية.

مرّة جديدة أحرزت المقاومة الفلسطينية ما يمكن اعتباره نصراً جديداً إذ أنّ تهديدات قادة المقاومة وتحذيراتهم لقادة "إسرائيل" حال دون قيام المستوطنين باقتحام المسجد الأقصى أو تدنيسه، وأظهر ضعف الإرادة الإسرائيلية وشكّل درعاً وسيفاً حمى شبّان القدس الذين خرجوا في مجموعات كبيرة واسعة تحدّت الاحتلال وحملت الأعلام الفلسطينية بوجهه في تأكيد على تمسّكهم بالقدس والمقدسات والقضية، وفرضت من خلال هذا التماهي بين الشعبي الميداني والعسكري المتخصص والإعلامي المحترف معادلة جديدة فرّغت كل خطط ومحاولات المستوطنين وحكومتهم من مضمونها، بل وكرّست، وكما قلنا، معادلة التوازن التي ستجعل أهل القدس أكثر قدرة في المستقبل على الفعل الميداني الذي يستعيدون به ومن خلاله حقوقهم ويحفظون مدينتهم ومقدساتهم.

لفد أظهرت المقاومة الفلسطينية رشداً وحكمة كبيرة في إدارة الصراع مع كيان الاحتلال في المحطات الأخيرة التي مرّت بها القضية الفلسطينية، وأضافت إلى رصيدها نقطة جديدة في معركة النقاط بانتظار المعركة الفاصلة لتحرير واستعادة كل فلسطين.

بيروت في 1/6/2022