العدد 1423 / 29-7-2020
د. وائل نجم

تطوّر الوضع الميداني بعد ظهر يوم الاثنين الماضي في منطقة مزارع شبعا ومحيط قرى العرقوب بشكل مفاجىء ومن دون سابق إنذار أو تحذير. فقد شهد محيط بلدتي كفرشوبا والهبّارية قصفاً إسرائيلياً مكثّفاً طال منزلاً في بلدة الهبّارية، وأدّى إلى اندلاع حرائق في محيط بلدة كفرشوبا أتت على مساحات من الأراضي المشجّرة بالسنديان. وقد زعمت قوات الاحتلال الإسرائيلي أنّ خليّة مؤلّفة من ثلاثة إلى أربعة أفراد تابعة لحزب الله كانت تحاول التسلّل من محيط بلدة كفرشوبا باتجاه مواقع الاحتلال الإسرائيلي في مزارع شبعا المحتلة، وأنّها كانت تنوي القيام بعمل أمني في المنطقة. ثمّ تضاربت الرواية الإسرائيلية بعد ذلك لتستقر على اعتراف نهائي يفيد بأنّ أية حركة لم تحصل في المنطقة.

من جهته نفى حزب الله في بيان رسمي صدر عنه أن يكون قد دخل في اشتباك مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في منطقة مزارع شبعا، أو أن يكون قد قام بأي عمل عسكري في تلك المنطقة أو في غيرها، وعزا ما جرى إلى التوتر والقلق الذي يعيشه جنود الاحتلال خوفاً من ردّه، وأكّد على أنّ ردّه على مقتل أحد عناصره في سوريا قادم لا محالة، وأضاف إلى ذلك ردّه على استهداف أحد منازل بلدة الهبّارية بقذيقة مدفعية.

من الواضح أنّ ما جرى يوم الاثنين يصب في اتجاه من اثنين على أقل تقدير.

إمّا أنّه كان محاولة إسرائيلية لاستدراج الحزب إلى مواجهة في غير زمانها، خاصة في ظل حالة الضغط التي يعاني منها ويعيشها حزب الله على المستوى الداخلي بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه وعلى بقية اللبنانيين. وبسبب أو محاولات الحصار السياسي من خلال العمل لفك الارتباط والتحالف بينه وبين بعض حلفائه الأساسيين، وبالتالي فإنّ الإسرائيلي ربما وجد أنّ هذه المرحلة تتيح له فرصة استدراج الحزب إلى معركة في غير توقيته، خاصة وأنّ الإسرائيلي يعتبر أنّ مثل هذه الفرصة لا تكون متاحة دائما، خاصة في ظل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، وبالتالي قد يكون ما جرى محاولة لهذا الاستدراج الذي لم ينجح الإسرائيلي فيها حتى الآن على أقل تقدير.

وإمّا أنّه محاولة لزيادة الضغط على الحزب في هذه المرحلة الصعبة والدقيقة داخلياً، والتي تترافق مع عقوبات تهديدات لإيران على مستوى المنطقة، واحتكاكات بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية في العراق والخليج العربي بشكل عام. وذلك بهدف إخضاع الحزب لمزيد من الضغط وبالتالي إجباره على التنازل أو الخضوع لقوة الأمر الواقع. كما يمكن أن يكون الهدف مما جرى تغيير بعض قواعد الاشتباك المعمول بها، لا سيما ما يتصل بعمل ونشاط قوات الاحتلال الاسرائيلي داخل الأراضي السورية بحيث يكون لها حرية التحرك وانتقاء الأهداف وضربها داخل سوريا بغض النظر لمن تعود هذه الأهداف مع ضمان عدم أي ردّ من قبل حزب الله.

رئيس وزراء كيان الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير حربه، بيني غانتس، حذّرا لبنان وحزب الله من مغبة استخدام الأراضي اللبنانية منطلقاً لشنّ أية عملية ضد قوات الاحتلال، وقالا إنّ قوات الاحتلال ستحمّل لبنان مسؤولية ما تمّ تسميته اللعب بالنار.

كما أنّ حزب الله وبعد أن نفى أن يكون قد قام بأي عمل عسكري عصر الإثنين، تعهّد بأن يردّ على مقتل أحد عناصره في سوريا، وذلك من أجل تثبيت قوات الاشتباك القائمة حالياً، والحفاظ على توازن الردع المعمول به.

هذا يعني أنّنا سنكون أمام مشهد مواجهة جديدة قد تكون قريبة أو بعيدة لا فرق، غير أنّ كلّاً من طرفي المواجهة حريص على أن لا تنزلق الأمور إلى مواجهات كبيرة ومفتوحة.

بانتظار ذلك سيظّل لبنان والحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة في حالة انتظار وترقّب تزيد من حالة الانكماش الداخلي والأزمة الاقتصادية الاجتماعية الخانقة، وبانتظار الجولة الجديدة القادمة.