العدد 1455 /31-3-2021

قبل بضعة أيام تداولت وسائل الإعلام خبراً وزّعه المكتبان الإعلاميان للرئيس سعد الحريري وللجماعة الإسلامية عن لقاء جمع الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة، سعد الحريري، والأمين العام للجماعة الإسلامية عزّام الأيّوبي، بحضور كلّ من رئيس المكتب السياسي للجماعة النائب السابق عماد الحوت، والأمين العام لتيار المستقبل، السيّد أحمد الحريري، وقد جاء الخبر مختصراً في كلماته يشير إلى أنّ البحث تناول الوضع العام، غير أنّه كان عميقاً في دلالته لناحية التحدّيات التي يمرّ بها لبنان في هذه الفترة، والإجراءات المطلوبة لمواجهة هذه التحدّيات.

وبعد أيام قليلة من اللقاء كشف رئيس المكتب السياسي للجماعة عماد الحوت أنّ اللقاء جاء في إطار العمل من أجل تحصين البيت السُنّي في مواجهة التحدّيات الوطنية التي يمرّ بها لبنان.

الواضح أنّ كلا الفريقين استشعر حجم المخاطر والتحدّيات التي باتت تحدق بالوطن أولاً، وبالمكوّن المسلم السنّي ثانياً في ظل انسداد أفق الحلّ السياسي من ناحية، وفي ظل محاولات الانقلاب على الدستور والمؤسسات أو محاولة تكريس أعراف دستورية ما أنزل الله بها من سلطان، والتي كان آخرها الطريقة التي تعامل بها رئيس الجمهورية مع الرئيس المكلف في مسألة بحث تشكيل الحكومة إنْ من خلال الخطاب الذي وجّهه له عبر وسائل الإعلام طالباً منه تكليف حكومة على "خاطره" أو التنحّي! أن لناحية الرسالة التي بعث بها مع درّاج في القصر إلى منزل الرئيس المكلف لملء الفراغات التي تركها له في تركيبة الحكومة المطلوبة! وحسناً فعل الرئيس المكلف عندما ردّ الصاع صاعين وكشف المستور وأكّد بما لا يدع مجالاً للشك أنّ من يعطل الحلّ ويعرقل خروج البلد من أزماته معروف بالأسم والوصف والشخص.

وبالعودة إلى تحصين البيت المسلم السنّي، وبالنظر إلى السياسات المتبعة وربما الخطط والبرامج التي يجري تنفيذها، والعراقيل التي يتم وضعها أمام الحلول وأمام قيام الدولة بمؤسساتها المعروفة والمنصوص عليها في الدستور، فقد باتت كل الأطراف التي تستظل سقف هذا البيت، وعلى تنوّعها، بل أكاد أقول على اختلاف توجهاتها، باتت تشعر بالاستهداف والإقصاء في بلد قام نظامه السياسي على قاعدة التوازن بين مكوّناته حتى لا يطغى مكوّن على آخر! باتت هذه الأطراف تشعر، بل ربما تلمس أنّ هناك من يريد أن يذهب بالبلد إلى الجحيم من أجل نزوة لديه بالسلطة، أو بالعكس يريد أن يرهن البلد لإرادات خارجية حتى لو أدّى ذلك إلى "إحراق البصرة" على ما يقول المثل.

لقد تنامى في أوساط هذا البيت أنّ هناك محاولات لنسف الصيغة القائمة من خلال انتهاج سياسة التعطيل المقصود، للإيحاء أنّ النظام الذي حفظ التنوّع والتوازن بات غير قادر على القيام بموجبات وجوده. هي لعبة خطيرة يريد البعض من خلال الانقضاض على الوطن، أو ربما يريد البعض منها تفتيته حتى يطمئن إلى دوره وزعامته فيه. ويأتي ذلك في لحظة إقليمية يجد فيها البعض أنّها مؤاتية لفعل أيّ شيء.

لكل ذلك كان لا بدّ من العمل من أجل تحصين البيت المسلم السنّي في هذه المرحلة من خلال تجاوز مكوّناته لكثير من تبايناتهم، والتوجّه معاً إلى فهم معالم المرحلة المقبلة من أجل التنسيق التكامل في التعامل معها، وبما يتيح لكل أركان هذا البيت الإسهام في الحفاظ عليه كجزء من الحفاظ على الصيغة الوطنية لأنّ التاريخ أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنّ هذا البيت هو ركن الخيمة في قيامة ونهوض واستمرار واستقرار الوطن.

د. وائل نجم