العدد 1388 / 27-11-2019

مجرد تسجيل صوتي لبضع ثوان كان كفيلا بتحريك المشاعر، خرج للعلن وصار حكاية تروى، وانتشر كما النار في الهشيم، لا سيما بعد تداوله وبشكل كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فصوت الشهيد القسامي يحيى عياش يسمع لأول مرة منذ 24 عاما.

على غير عادته وبوقت لا يتزامن والذكرى السنوية للشهيد عياش، كشف الإعلام الإسرائيلي أمس الأحد النقاب عن تسجيل صوتي للمكالمة الهاتفية التي دارت بين الشهيد ووالده خلال اللحظات الأخيرة التي كانت سببا في استشهاده بواسطة هاتف نقال.

بمكان عمله في مدينة نابلس اتصل البراء عياش نجل الشهيد يحيى البكر بوالدته هيام ليخبرها أنه أرسل إليها مقطع فيديو يحمل صوتا عليها معرفته دون أن يكشف فحواه، فعادت إليه بمكالمة فورية تخبره أنه صوت والده، فكيف لها أن تنساه؟

لم تطل المكالمة بين البراء وأمه هيام، فهو كما تقول للجزيرة نت "قليل الكلام مثل والده"، فسمعت ما أرسل لها وعادت إليه باتصال مطول تخبره أن هذا صوت والده يحيى الذي "لم يغب عنها يوما"، وتضيف "لحظتها شعرت بفرحة كبيرة لم يعشها براء من قبل مطلقا".

حتى المساء انتظرت الأم المكلومة وعينها تفيض دمعا حتى عودة ولدها من العمل، لسماع التسجيل الصوتي بحضور ابنها الأصغر يحيى الذي كان بعمر سبعة أيام لحظة استشهاد والده في الخامس من كانون الثاني 1996، بينما كان عمر البراء ثلاث سنوات.

فرح ممزوج بحزن

بحرقة تصف الأم لحظات عاشتها وأولادها الذين غدوا شبانا يافعين، وتقول إنها المرة الأولى التي يسمعون بها صوت والدهم وكذلك هي بعد استشهاده، لكنها كانت لحظات صعبة اختلطت بها مشاعر الفرح والحزن معا، خاصة أن الحدث لم يتزامن مع ذكرى استشهاد يحيى السنوية التي لا تغيب عن العائلة أصلا.

تعم حالة الفرح أرجاء المنزل، وتبدأ المكالمات الهاتفية تنهال على أم البراء، لا سيما من وسائل الإعلام وكذلك رسائل التضامن عبر مواقع التواصل.

في بيت الجد

لم يرد البراء أن تبقى فرحته بسماع صوت والده مقتصرة عليه وحده، وانطلق كما هي عادته من مدينة نابلس لقرية رافات قضاء مدينة سلفيت شمال الضفة الغربية حيث مسقط رأسه والده ومنزل جده وجدته، متكبدا مشاق السفر ومعاناته ليخبرهم بذلك، لكن المرض الذي يعانيه الجد وكذلك زوجته حال دون سماعهما لصوت ابنهما.

يقول مرعي عياش شقيق الشهيد يحيى إن هذا التسجيل ليس "غريبا" وإنهم اعتادوا بين الحين والآخر، خاصة في ذكرى استشهاد يحيى، أن يروا جديدا يكشفه الاحتلال، وإن المستغرب هو توقيت الفيديو، وهذا يعني أن هناك الكثير من التسجيلات موجودة لديهم ومعلومات أخرى أيضا.

وهو الأمر ذاته الذي تقوله زوجة الشهيد يحيى وتطالب الإعلام الإسرائيلي بنشره، فهذه التسجيلات مهمة بالنسبة لهم وفيها شيء من الذكريات مع شهيد "دوَّخ" الاحتلال بمقاومته، لدرجة صار فيها مطلوبه الأول، لا سيما لرئيس وزرائه آنذاك إسحق رابين الذي وضع صورة خاصة ليحيى عياش في مكتبه وصار يسأل يوميا هل قتل أم لا؟