بقلم: أواب إبراهي

تشكل مناسبة مرور عام على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية (31/10/2016)، فرصة لمراجعة ما حصل خلال هذا العام، والتغييرات التي طرأت على حياة اللبنانيين. فرئيس الجمهورية قبل انتخابه رئيساً كان يحمل لواء التغيير والإصلاح، وكان يتّهم السلطة بالفساد وسرقة المال العام، والتفريط بالسيادة، فماذا تغير اليوم؟ وهل فعلاً ساهم وصول رئيس كتلة التغيير والإصلاح بتغيير وإصلاح في شؤون البلاد والعباد؟.
لطالما انتقد رئيس الجمهورية السلطات المتعاقبة بمخالفة الدستور، وهو كان قد أسقط شرعية المجلس النيابي بعدما انتهت مدة ولايته، لكنه عاود الاعتراف به مرة أخرى بعدما انتخبه رئيساً للجمهورية. تمديد ولاية المجلس النيابي الذي اعتبره رئيس الجمهورية مخالفاً للدستور قبل وصوله إلى قصر بعبدا، تم تمديد ولايته مرة ثالثة في عهد فخامته لمدة سنة كاملة لأسباب أطلقوا عليها وصف «تقنية»، بذريعة الحاجة إلى الوقت لإصدار البطاقات البيومترية التي سيتم الاقتراع من خلالها. تم التمديد وسقطت البطاقة البيومترية، وسقط معها سبب التمديد.
المخالفة الدستورية الثانية التي تمت في عهد فخامته هي عدم الدعوة للانتخابات النيابية الفرعية بعد شغور ثلاثة مقاعد في المجلس النيابي. فلا وزير الداخلية أصدر مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، ولا رئيس الجمهورية المؤتمن على تطبيق الدستور راجعه بالأمر، ولم يتم حتى عرض الموضوع على مجلس الوزراء، وكأنه تواطؤ من الجميع بمخالفة الدستور.
المخالفة الدستورية الثالثة ما زالت طازجة، وهي مخالفة المادة 87 التي تفرض بصورة واضحة إلزامية قطع الحساب قبل نشر قانون الموازنة السنوية، الأمر الذي لم يحصل. فأقرت موازنة عام 2017 التي شارفت على النهاية، وربما يبدأ النقاش في موازنة عام 2018 قبل أن يتم إجراء قطع حساب عن السنوات الماضية، الأمر الذي كان رئيس الجمهورية وفريقه السياسي يعتبره جريمة لا تغتفر. واللبنانيون يذكرون كتاب «الإبراء المستحيل» الذي أصدره فريق رئيس الجمهورية قبل وصوله إلى قصر بعبدا، الذي فصّل فيه ما اعتبره أعمال سرقة ونهب وفساد مارستها السلطات المتعاقبة بحق مالية الدولة. اليوم تحوّل ما كان إبراء مستحيلاً إلى إبراء ضروري ومطلوب، وتمّ غضّ الطرف عن كل ما حصل في السنوات الماضية، بل إن رئيس الجمهورية صرح قبل أيام أن الفساد الذي يتم الحديث عنه مبالغ فيه، ومن لديه أدلة على حصول مخالفة ليس من حقه توجيه الاتهام، بل عليه تقديم شكوى أمام القضاء. نهج جديد لم نكن نألفه من رئيس الجمهورية وفريقه قبل وصولهم إلى السلطة، وهم الذين اعتادوا توزيع الاتهامات، الأمر الذي بات محظوراً اليوم.
أمنياً، ما زال الوضع الممسوك على حاله، وهو كان ممسوكاً قبل انتخاب رئيس الجمهورية بناء على رغبة داخلية وإقليمية، فلا علاقة بين انتخاب الرئيس والاستقرار النسبي للأوضاع. لكن يسجل في هذا الإطار المعركة التي خاضها الجيش اللبناني عند الحدود الشرقية مع سوريا بعدما فرض عليه حزب الله خوض المعركة بتوقيته. 
أما سياسياً، فرئيس الجمهورية يحمل لواء طرد النازحين السوريين من لبنان، ويصوّر الأمر على أنه مصيبة المصائب، وهو أعلنها مزلزلة في قاعة الأمم المتحدة بنيويورك حين قال إن «لبنان لن يسمح ولن يقبل بتوطين اللاجئين أو النازحين مهما كان الثمن، والقرار في هذا الشأن يعود لنا لا لغيرنا». هذا الموقف الشجاع والقوي جاء رداً على تلميحات الرئيس الأميركي بتوطين النازحين. واللبنانيون ينتظرون اليوم من فخامة الرئيس موقفاً قوياً وشجاعاً ومزلزلاً مشابهاً، رداً على تصريحات الرئيس الإيراني التي اعتبر فيها أنه لا يمكن أن يصدر من لبنان موقف يعارض المصلحة الإيرانية في انتقاص واضح من السيادة والكرامة اللبنانية.
اقتصادياً، الأوضاع صارت أكثر سوءاً بعد ارتفاع الأسعار، والضرائب الجديدة التي فُرضت على اللبنانيين لتمويل رفع رواتب موظفي القطاع الخاص.
عام مرّ على العهد الجديد، لم يلمس خلاله اللبنانيون أي تغيير أو إصلاح، على أمل أن لاتكون السنوات الخمس المتبقية مشابهة للعام الذي مرّ.>