العدد 1537 /16-11-2022
أواب ابراهيم

في إطار الحملة الإعلامية المرافقة لكأس العالم في قطر بعد أيام، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أغنية تحتفي بمونديال قطر وتدعو الشعوب العربية لتشجيعه، باعتبار أنه ينظم لأول مرة في بلد عربي مسلم. حملت الأغنية عنوان "عرب"، ومن كلماتها "نحن العرب حضارة وكرم.. همم في وحدتنا توصلنا القمم.. بطولة أمل تجمعنا في أرض العرب.. هلا بكم هلا ومرحبا ومسهلا بمن أتى"، وقد شارك في أدائها عدد من المغنين العرب.

إلى هنا "كل شي تمام" والأمور عال. لكن بالنسبة لبعض اللبنانيين فإن الكارثة وقعت حين علموا أن المغني اللبناني المعتزل فضل شاكر كان من بين النجوم الذين أدوا الأغنية. سرعان ما شمّر بعض الغيارى عن زنودهم الإلكترونية، وأطلقوا حملة على وسائل التواصل الاجتماعي تصدرها جمهور التيار الوطني الحر، كالت الشتائم لفضل شاكر وانتقدت دولة قطر لسماحها بمشاركة شخص مطلوب للقضاء اللبناني وفار من وجه العدالة. لم تدم الحملة طويلاً ولم تأخذ وقتاً حتى خمدت، الراجح أن السبب يعود "للرز" الذي تتكرم به قطر على مختلف القوى اللبنانية، والمساعدات العينية والغذائية التي تقدمها شهرياً للجيش اللبناني. هذا عدا عن الهمس الدائر من أن قطر تتوسط لجبران باسيل لدى الولايات المتحدة الأميركية لرفع العقوبات عنه. لذلك لم يكن أي من الأطراف اللبنانية معني بإغضاب قطر أو الإساءة لها، فأتت كلمة السر سريعاً بإسكات الألسنة.

من باب التذكير، فإن فضل شاكر حكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن مع الأشغال الشاقة لمدة 22 عاماً على خلفية أحداث منطقة عبرا (قرب صيدا) التي لم يكن متواجداً فيها. لكن جريمته اقتصرت على ظهوره في مقطع فيديو، وهو يشمت بقتلى سقطوا لأحد الأحزاب، كانت أحرقت منزله، وشتمه لأحد زعماء الأحزاب، الذين يعتبرهم جمهورهم من "أشرف الناس".

فضل شاكر بعد الحكم الصادر بحقه، كان علّق بالقول "الذي تعامل مع الاحتلال الإسرائيلي تم حكمه سنتين فقط، والذي قتل رفيق الحريري لم يجرؤ أحد على حكمه أو إلقاء القبض عليه، والذي فجر مساجد طرابلس حرّ.. شكراً لعدالتكم". عشر سنوات مرت على الأحداث التي شهدتها منطقة عبرا والتي أدين بسببها فضل شاكر، رغم ذلك، كلما ورد اسمه في مكان تكال له الشتائم، ويُتهم زوراً بقتل جنود الجيش اللبناني، ويُطالب بالاقتصاص منه.

لم يعد مفيداً التذكير بالجرائم التي ارتكبها آخرون ينتمون لأحزاب السلطة وهم طلقاء لايتجرأ أحد على المساس بهم. وليس مفيداً التذكير بأحد عملاء "إسرائيل" الذي كاد يترشح للانتخابات النيابية، ولا تبرئة المحكمة العسكرية العميل الإسرائيلي عامر فاخوري الذي لُقب بـ"جزار الخيام" لأنه شارك بقتل مواطنين لبنانيين في معتقل الخيام، وغادر بطائرة تابعة للسفارة الأميركية. سأذكّر فقط بمغنين آخرين ارتكبوا جرائم لكن اللبنانيين تعاملوا معهم بطريقة مختلفة. قبل أشهر انتشر مقطع مصور لمغن يدعى وديع الشيخ وهو يطلق النار في اشتباك مسلح مع آخرين. تم توقيفه وضبطت بسيارته أسلحة رشاشة وذخائر، لم يستغرق أكثر من ساعات قليلة قضاها الشيخ في الحجز قبل أن يطلق سراحه بعد تدخلات من جهات عليا كما قيل، وعاد اللبنانيون للتصفيق له والرقص على أغانيه الهابطة. حادثة أخرى، قبل سنوات أقدم زوج المغنية نانسي عجرم على قتل مواطن سوري دخل منزله. حيثيات الواقعة تحمل الكثير من الغموض، لكن المؤكد هو أن زوج المغنية أفرغ رصاصات مسدسه العشرة بالمواطن السوري. تمّ التعتيم على القضية، وخرج الجاني بريئاً فقط لأنه "واصل"، وعادت نانسي عجرم لإحياء حفلاتها.

جريمة فضل شاكر الحقيقية لاتتعلق بما فعل أو بما قال، بل بأنه "غير واصل"، ولا من يسأل عنه أو يتوسط له.

أوّاب إبراهيم