العدد 1445 /13-1-2021

دخل لبنان في مرحلة جديدة في مواجهة وباء الكورونا بعد ان تفشى المرض في مختلف المناطق اللبنانية واصبح خارج السيطرة حيث بلغ حجم الاصابات اليومية بالفيروس ما يقارب الستة الاف اصابة يوميا وهو ما دفع باللجنة الصحية الى التوصية بالاقفال العام في لبنان من اجل وقف انتشار الفيروس وتصاعد أعداد المصابين كما قال مدير مستشفى الحريري الدكتور فراس ابيض.

الا ان اللافت ان العوة للاقفال العام تمت وسط خلافات بين أهل السلطة حيث هناك حسابات سياسية واقتصادية وشعبية تتحكم بمواقف المسؤولين الذين يريدون رفع مسؤوليتهم عن ما اصاب اللبنانيين بسبب سياساتهم وقراراتهم الغير مسؤولة وهو ما تسبب بزيادة الاصابات بفيروس كورونا بعد السماح بالاحتفالات بعيدي الميلاد ورأس السنة بدون اي مراعاة للضوابط المطلوبة ، وها هو ​وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن يعلن عن عدم حضوره جلسة اللجنة الوزارية التي اتخذت قرار الاقفال العام ومن ثم يعود للمشاركة في اللقاء بعد اتصالا من الرئيس حسان دياب لاعتراضه على القرار الذي تمّ اتخاذه من قبل اللجنة قبل الأعياد، وطالب حسن بأخذ قرارات اللجنة العلمية في وزارة الصحة على محمل الجد بسبب مقاربتها للواقع بشكل دقيق للوصول إلى بر الأمان والحد من انتشار جائحة كورونا".

ويكشف موقف وزير الصحة بعضا من الخلافات والاعتراضات والفوضى التي تعيشها اللجنة الوزارية المكلفة مواجهة فيروس كورونا حيث تتداخل المصالح الشخصية والاقتصادية في الاجراءات الصحية المطلوبة وهو ما ساهم في تفشي فيروس كورونا بين اللبنانيين بهذا الشكل الكبير.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو : هل يشكل قرار الاغلاق التام خطوة فعالة في مواجهة انتشار فيروس كورونا بين اللبنانيين ؟

في البداية لابد من القول ان مواجهة فيروس كورونا في لبنان يجب ان تأخذ الطابع الجدي بعيدا عن الاستعراضات الاعلامية التي كان يقوم بها وزراء الصحة والداخلية والاعلام طوال الفترة الماضية حيث كانت المعالجات السابقة تتخذ الطابع الاعلامي اكثر منها الطابع الصحي ، فالاقفالات السابقة كانت اعلامية اكثر منها صحية وكان هناك خروقات بالجملة والمفرق وفي كل المناطق اللبنانية والاجراءات في المطار التي اعلن عنها سابقا كانت شكلية أكثر منها فعلية وهو ما ساهم في انتشار الفيروس في لبنان بشكل كبير.

لكن الان وبعد وقوع الكارثة ما هو الحل ؟

الحل كما يقول الخبراء والاختصاصيين في المجال الطبي هو في الاغلاق الشامل الفعلي فقد أكد نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون أن "المستشفيات لم تعد قادرة على استيعاب المزيد من مصابي كورونا ويجب وضع حل سريع والا القطاع الاستشفائي سيفشل"، وأضاف أن "الحل هو باقفال تام خارج المنازل وداخلها".

لكن هذا الحل الطبي على اهميته يستلزم اولا قيام الدولة بواجباتها بصورة فعلية فتعمل الاجهزة الامنية من جيش وقوى أمن داخلي على تنفيذ قرار الاقفال بصورة دقيقة وفعالة وليس كما كان يجري في المرات السابقة.

وثانيا على وزارة الصحة العامة القيام بواجباتها لناحية تأمين غرف لمرضى الكورونا حتى لا يموت الناس على ابواب المستشفيات و الاستفادة من المستشفيات الميدانية المعطلة لاسباب مجهولة ، والعمل على تأمين اللقاحات بأسرع وقت ممكن والسماح للقطاع الخاص باستيراد لقاحات الكورونا. اما على صعيد المواطنين فالمطلوب الالتزام بالاجراءات المطلوبة صحيا لناحية ارتداء الكمامات ، وعدم القيام بالتجمعات و الكف عن الاحتيال على الاجراءات الصحية المفروضة بطريقة او بأخرى تحت حجة الوضع الاقتصادي ، لان حياتهم وحياة اهاليهم وابناءهم في خطر وما نفع المال اذا فقدت الصحة.

باختصار مواجهة فيروس كورونا الذي يفتك باللبنانيين قضية وطنية وصحية وانسانية ، وليست قضية خلافات شخصية وحسابات سياسية وطائفية ، فهل يلتزم اللبنانيون بالاقفال العام من اجل حماية انفسهم ، ام يصروا على الانتحار ونصبح دولة منهارة اقتصاديا وفاشلة سياسيا و موبوءة صحيا ؟

بسام غنوم