العدد 1409 / 15-4-2020

منذ ان بدأت الحكومة اللبنانية في مناقشة الخطة المالية لتجاوز الازمات القائمة على الصعيد المالي والاقتصادي حتى بدأت ردود الفعل والسجالات حول هذه الخطة وابعادها ونتائجها. ورغم ان ماطرحته الحكومة كان مجرد مسودة اولى للنقاش والحوار فان حجم ردود الفعل كشف حجم المأزق المالي والاقتصادي الذي يواجهه لبنان والحاجة لاجراءات قاسية لمعالجة العجز المالي ،وتمحورت الاسئلة التي طرحت حول ما يلي : من يتحمل مسؤولية كل ماجرى؟ وماهو الحل الانسب لهذا العجز الكبير؟ وهل سيكون اللجوء للصندوق الدولي هو الخيار الافضل؟ ام ان هناك حلولا اخرى يمكن اللجوء اليها؟

مسودة الخطة المالية

بداية ما هي ابرز النقاط التي تضمنتها مسودة الخطة المالية التي طرحتها الحكومة؟

مصادر مطلعة على اجواء الخطة اوضحت لموقع الامان : ان ما تناقشه الحكومة هي خطة مالية وليست اقتصادية شاملة وهي تلبي المطالب الاصلاحية لمؤتمر سيدر وغيره من الجهات والمؤسسات المالية الدولية في حال قرر لبنان الدخول في تفاوض مع هذه المؤسسات ومنها صندوق النقد الدولي . وهي وضعت للنقاش ولاقرارها اولا في مجلس الوزراء ومن ثم يجب اقرارها في مجلس النواب واقرار التشريعات المطلوبة.

وتوضح المصادر : تتضمن الخطة إجراءات اصلاحية على صعيد المالية العامة ولا تتضمن اجراءات ضرائبية تطال الطبقات الفقيرة والمتوسطة.

ومن الخطوات التي تتضمنها الخطة الاولية:

1-اعادة تنظيم موضوع الكهرباء ورفع التعرفة بشكل تصاعدي مع حماية الطبقات الفقيرة.

2-اعادة هيكلة الدين العام بشقيه الداخلي والخارجي.

3-اصلاح القطاع المصرفي واعادة تنظيم اوضاع المصارف التجارية ومصرف لبنان.

4-اجراء اصلاحات بنيوية بهدف تحفيز النمو الاقتصادي.

5-القيام باصلاحات اجتماعية من اجل الحد من الفقر.

واوضحت المصادر: ان كل هذه الخطوات تحتاج الى تشريعات من مجلس النواب وسيتم تنفيذ هذه الاجراءات بشكل متتالي ( اي خطوة خطوة) وهي تحتاج لوقت ولن يتم فرض اية ضريبة من ضمن الخطة ولم يتم ذكر اي شيء يتعلق بالودائع بشكل مباشر.

ولم تنف المصادر وجود توجه لانشاء صندوق سيادي يضم ممتلكات الدولة والعقارات العائدة اليها وان تكلف احدى الشركات بادارته وان يتم ايجاد سندات مالية لمن يرغب الحصول على حصة في هذه الشركة.

لكن رغم هذه المعطيات فقد جرى الحديث عن وجود توجه لفرض ما يسمى ( الهيركات ) اي اخذ قسما من بعض الودائع ، كما نشرت تقارير اعلامية تتحدث عن فرض ضرائب جديدة واعادة هيكلة القطاع العام ووضع نظام جديد للتقاعد وخفض التقديمات المدرسية وزيادة على ضريبة القيمة المضافة من ضمن الخطة.

سجالات ونقاشات

ومنذ البدء بمناقشة مسودة الخطة المالية في مجلس الوزراء حتى بدأت السجالات والنقاشات حولها ، وتم شن حملة واسعة على الحكومة بسبب ما سرّب من معلومات عن السيطرة على قسم من الودائع المالية ( اي تطبيق ما يسمى الهيركات على الودائع الكبيرة) ، كما جرى اطلاق التصريحات من عدد من السياسيين حول وجود قرار بسيطرة حزب الله على النظام المالي والمصرفي حسبما اعلن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ، وجرى الحديث عن تشكيل جبهة معارضة جديدة ضد الحكومة من اركان قوى 14 اذار سابقا.

وقد اصدر حزب الكتلة الوطنية بيانا موسعا رفض فيه تنفيذ اية خطة مالية او مشروع لاستنهاض الاوضاع الاقتصادية قبل اجراء اصلاح سياسي .

وشدّدت "الكتلة الوطنيّة" على أنّ تقديم أيّ مساعدة من الجهات المانحة للحكومة من دون أن تكون هذه الأخيرة قد وضعت "خطة مقبولة"، يُمثّل "عدم احترام لإرادة اللبنانيّين" و"تعويماً لسلطة أهلكت لبنان واللبنانيّين". وتقدّمت "الكتلة"، في كتاب وجّهته إلى سفراء الدول والمنظمات الدوليّة الـ16، بسلّة إجراءات داخليّة تشكّل بديلاً ممّا يمكن أن يفرضه المانحون على لبنان ويطال الطبقتين المتوسّطة والفقيرة فضلاً عن كونه مذلاً سيادياً. وأكّدت أنّ مطلبها الأساسي هو "أنْ تستحصل الجهات المانحة على تعهّد صريح ومكتوب من الحكومة مع روزنامة واضحة لتطبيق هذه الإجراءات الطارئة".

ويبدو واضحا ان ما طرحته الحكومة قد اثار نقاشات وسجالات عديدة، وان انشغال البنانيين بمواجهة تداعيات ازمة كورونا لم يؤد الى منع حدة النقاشات والحوارات ، وكل ذلك يضع الحكومة ولبنان امام تحدي كبير في كيفية مواجهة هذه الازمة الخانقة وكيفية الخروج منها ، خصوصا مع تزامن الازمة المالية والاقتصادية مع تدهور الاوضاع الاجتماعية بسبب ازمة كورونا.

وفي الخلاصة فان لبنان سيكون في المرحلة المقبلة امام اجراءات حازمة لانقاذ الوضع المالي والاقتصادي وان اللجوء الى الصندوق الدولي اصبح خيارا لا مفر منه ، فهل ستنجح الحكومة في هذا الامتحان الصعب؟ ام سيؤدي ذلك لانفجار الوضع اللبناني مجددا؟

قاسم قصير