العدد 1364 / 29-5-2019
بسام غنوم

اخيرا ،ﹰ وبعد عشرين جلسة للحكومة وعشرات الجلسات الجانبية أقر مجلس الوزراء موازنة العام 2019 بعجز بلغ 7,59 في المئة وأحالها على المجلس النيابي من أجل مناقشتها واقرارها .

واذا كان اقرار موازنة عام 2019 من قبل الحكومة قد لاقى ارتياحاﹰ على المستوى السياسي فانه على الصعيد الشعبي لم يلاق كثيراﹰ من الارتياح والقبول حيث الاعتراضات على الموازنة مازالت على قدم وساق من قبل موظفي القطاع العام والعسكريين المتقاعدين والمصالح المستقلة واساتذة الجامعة اللبنانية .. الخ ، وهي اعتراضات يمكن ان تستمر خلال جلسات مناقشة الموازنة في المجلس النيابي .

واللافت ان موازنة العام 2019 قد أقرت رسماﹰ بقيمة 2 في المئة على المستوردات بحجة حماية قطاع الصناعة الوطنية ، وهذا الرسم سوف ينعكس سلباﹰ على قطاع المواد الغذائية وادوات الكهرباء وهذه النقطة هي الاهم على القطاع العقاري الذي يعاني ركوداﹰ كبيراﹰ بحيث تراجعت المبيعات في القطاع العقاري بنسبة 25 في المئة في العام 2018 ، وذلك لان رسم اﻠ 2 في المئة سوف يزيد اسعار مواد البناء المختلفة بنسبة تتراوح بين 5 و 20 في المئة بحسب الخبراء الاقتصاديين .

والسؤال الذي يطرح نفسه هو : هل كانت موازنة 2019 على قدر التوقعات ، وهل ستبقى نسبة العجز في الموازنة 7,59 في المئة كما أعلن وزير المال علي حسن خليل ؟

في البداية يمكن القول ان موازنة العام 2019 هي افضل الممكن في ظل الخلافات السياسية التي تعصف بين اركان الحكومة ، وكما قال البعض فان هذه الموازنة اقرت لانه كان هناك خوف من انهيار كبير بدأت ملامحه تطل في مختلف القطاعات الاقتصادية والمالية .

وقد لعبت الحسابات السياسية لبعض الأطراف في الحكومة ولاسيما للتيار الوطني الحرّ ورئيسه الوزير جبران باسيل دوراﹰ مباشراﹰ في تأخير اصدار الموازنة وامتداد النقاش حولها الى عشرين جلسة للحكومة ،حتى تم اخيراﹰ اقرارها والموافقة عليها من قبل مجلس الوزراء .

فالوزير جبران باسيل مارس سياسة حافة الهاوية في جلسات مناقشة الموازنة وكان النقاش محتدماﹰ جداﹰ بينه وبين وزير المال علي حسن خليل الذي اشتكى من العودة تكراراﹰ الى بحث بعض البنود في الموازنة بعد اشبعت بحثا ﹰوتمت الموافقة عليها ، حتى ان الرئيس سعد الحريري وصف ما كان يجري في مجلس الوزراء بأنه تعطيل للسلطة التنفيذية لأنه لا يمكن لأي "جهة على طاولة مجلس الوزراء ان تتنكر للقرارات التي تتخذ سواء بالتوافق او بالتصويت" وقال ان مجلس الوزراء تحول الى "متاريس سياسية" ، والهدف من هذه المتاريس السياسية كان هو ان يقول للوزير باسيل ان الامر لي في الموازنة العامة 2019 ،كما كان في قانون الانتخابات وفي تشكيل الحكومة ، وهذه الدلالات السياسية قي مناقشة موازنة 2019 لم تكن خافية على أحد .

اما بالنسبة الى ارقام الموازنة فالوزير على حسن خليل قال ان نسبة العجز ستبلغ اﻠ 7,59 في المئة مع توقع نسبة نمو 1,2 % ، واعتبر ان ذلك "رقم مرمن جداﹰ ، يعبر عن التزام حقيقي ويعكس ايضا ارادة حقيقية عند الحكومة بأن تسير على طريق تصحيح الوضع المالي ، لافتا الى ان هناك نظرة ايجابية من كل المعنيين في الخارج الى ما تم تحقيقه سواء لناحية الخطوات الاصلاحية أو لجهة مستوى تخفيض العجز" .

لكن هل ستبقى نسبة العجز في الموازنة 7,59 بالمئة كما قال الوزير علي حسن خليل ؟

أكثر الخبراء الاقتصاديين يرون ان هذا الامر غير ممكن اولاﹰ لأن موازنة العام 2019 هي موازنة ستة أشهر فقط بعدما تم الصرف وفق القاعدة الاثني عشرية في الأشهر الستة الاولى من سنة 2019 ، وهناك الدعم للكهرباء بقيمة 2500 مليار ليرة الذي اضيف الى النفقات ، اضافة الى ذلك فان قضية التدبير رقم 3 الخاص بالعسكريين لم تقاربه الموازنة من قريب او بعيد من الناحية المالية او القانونية بل احيل الموضوع الى المجلس الاعلى للدفاع لمناقشته واقراره ومن ثم يحال الى الحكومة لاصداره بمرسوم ينظم كيفية توزيع القوى العسكرية والأمنية على التدابير رقم 1 ورقم2 ورقم3 ، وهذا يعني ان الامور مفتوحة على كل الاحتمالات وان العجز في الموازنة لن يبقى عند الارقام المعلنة كما جرى في موازنة العام 2018 حيث كان العجز المتوقع هو 8,5 بالمئة وبسبب عدم ضبط ارقام سلسلة الرتب والرواتب وصل الى 11 في المئة .

بالخلاصة ، موازنة العام 2019 ولدت قيصرياﹰ بسبب ضغوطات الوضعين الاقتصادي والمالي وايضاﹰ بناءﹰ لمطالبات داعمي مؤتمر سيدر 1 . فهل ستكون موازنة العام 2019 بداية الطريق نحو الاصلاح المالي في الدولة ؟

بسام غنوم