العدد 1353 / 13-3-2019
بسام غنوم

اثار عدم دعوة وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب ووزير الصحة جميل جبق لحضور مؤتمر بروكسيل 3 المخصص لبحث شؤون النازحين السوريين من قبل الاتحاد الاوروبي , الكثير من الغضب في صفوف الفريق المؤيد للنظام السوري في لبنان ، والذي حاول جعل الموضوع وكأنه عملية اقصاء متعمدة من قبل رئيس الحكومة سعد الحريري لفريق في الحكومة على خلفية الخلاف في الحكومة حول العلاقات مع النظام السوري .

الا أنه ورغم التأكيد الرسمي من قبل الرئيس الحريري ان الدعوة الى حضور المؤتمر واسماء المدعوين قام بها الاتحاد الاوروبي ولا علاقة للرئيس الحريري بها من قريب او من بعيد , قال الوزير صالح الغريب "يؤسفنا توجه بعض القوى السياسية بغير المنحى المأمول منها وطنيا ، حيث نرى أن هناك اصراراﹰ على العودة الى السياسة الحكومية السابقة في ملف النازحين ، وتجاوزاﹰ لجميع الأصول والأعراف في الدعوة الى مؤتمر بروكسل" ، وبذلك تضاف قضية جديدة الى الخلافات التي تعصف بالحكومة بعد شهر من تأليفها , وكان سبقها قضية الصلاحيات الرئاسية وموضوع مكافحة الفساد وهو ما يؤكد ان حكومة "الى العمل" لن تستطيع القيام بما هو مطلوب منها سياسياﹰ واقتصادياﹰ اذا استمرت الأمور على هذه الوتيرة من الخلافات مع كل جلسة لمجلس الوزراء او مع كل مؤتمر يدعى اليه لبنان او زيارة لموفد اجنبي الى لبنان .

فهل عملية وضع العصي في دواليب الحكومة هي متعمدة ام ان الأمور غير ذلك ؟

كشفت الخلافات حول العلاقة مع النظام السوري والتي امتدت الى كل موقف او زيارة لمسؤول اجنبي الى لبنان ان هناك اما عدم ادراك لحجم المخاطر السياسية والاقتصادية التي تهدد لبنان او أن مايجري هو عمل مقصود عن سابق اصرار وتصميم لوضع لبنان في محور "الممانعة" .

فلرئيس نبيه بري طالب الدول لاعربية بتطبيع العلاقات مع النظام السوري في مؤتمر البرلمانيين العرب الذي عقد في العاصمة الاردنية عمان رغم ان الموقف الرسمي للحكومة اللبنانية مازال هو النأي بالنفس عن الوضع السوري ، ورغم ان جامعة الدول العربية جددت رفضها لعودة النظام السوري الى الجامعة العربية قبل الوصول الى حل سياسي للأزمة السورية وهو نفس موقف الاتحاد الأوروبي, لكن يبدو أن قضية العلاقة مع النظام السوري وتطبيع العلاقة لبنانياﹰ معه ومع الدول العربية والمجتمع الدولي هي بالنسبة لفريق في الحكومة هي القضية الاساس قبل حل القضايا والمشاكل التي يعاني منها لبنان ولا سيما على الصعيد الاقتصادي .

والا كيف يمكن تفسير عملية الضغط المبرمجة على الرئيس الحريري من قبل "حزب الله" وفريق 8 آذار سواء فيما يتعلق بالصلاحيات الرئاسية او بالنسبة لموضوع مكافحة الفساد الذي يوجه مباشرة الى الرئيس السنيورة وفترة رئاسة الرئيس الشهيد رفيق الحريري للحكومة . واذا كان "حزب الله" ملتزماﹰ في موضوع مكافحة الفساد فلماذا لا يقوم بفتح ملف مجلس الجنوب على سبيل المثال ، وايضاﹰ ملف الكهرباء الذي شهد قبل تشكيل الحكومة اتهامات مباشرة وخطيرة بالفساد بين وزير المالية علي حسن خليل والوزير جبران الوزير باسيل , حيث اتهم الوزير خليل جبران باسيل بقبول عمولات بقيمة 50 مليون دولار في ملف تلزيم معمل دير عمار ، وقال للوزير باسيل انت فاسد ومع ذلك طوي الملف ولم يعد احد يتحدث حول الموضوع ، وتثار مجدداﹰ قضية اﻠ 11 مليار دولار التي اكد مدير عام المالية آلان بيفاني في مؤتمر صحافي عقده للاعلان عن انجاز الحسابات المالية للحكومة من عام 1993 حتى العام 2018 ان اﻟ 11 مليار صرفت بطريقة مشروعة , ومع ذلك تستمر الحملة على الرئيس السنيورة بصورة مباشرة وعلى الرئيس الحريري بصورة غير مباشرة .

باختصار ، يبدو ان البعض في الحكومة لا يريد معالجة الوضع الاقتصادي ، ولا يريد وضع الخلافات السياسية جانباﹰ ، وما يجري على الأرض هو محاولة مكشوفة لوضع اليد على الدولة تحت شعارات مكافحة الفساد ، ومواجهة المشروع الأميركي في المنطقة . فهل ينجح هذا البعض في مسعاه ؟

بسام غنوم