العدد 1374 / 21-8-2019
قاسم قصير

اين يقع لبنان والمنطقة العربية والاسلامية في سياسة الفاتيكان اليوم؟ وهل تراجع الاهتمام الفاتيكاني بالوضع اللبناني في هذه المرحلة؟ وما هي الاولويات والاهتمامات في سياسات الفاتيكان الاقليمية والدولية في ظل ما تشهده المنطقة من توترات ومخاوف من اندلاع حرب اميركية – ايرانية وما يجري من حروب وصراعات في عدد من الدول العربية؟.

هذه الاسئلة وغيرها من الشؤون اللبنانية والاقليمية والدولية كانت محور لقاء خاص مع سفير لبنان في الفاتيكان النائب السابق الدكتور فريد الخازن والذي مضى على وجوده حوالي العام في منصبه الجديد.

فماذا قال السفير الخازن في هذا اللقاء ؟ والى اين يتجه لبنان والمنطقة في المرحلة المقبلة من منظور فاتيكاني؟

الاولوية للحوار والاستقرار

بداية كيف ينظر الفاتيكان للاوضاع في لبنان والمنطقة؟ وما هي الاولويات التي تركز عليها السياسة الفاتيكانية الخارجية اليوم؟

يقول السفير الدكتور فريد الخازن : ان الاهتمام الاساسي للسياسة الفاتيكانية الخارجية اليوم تتركز على كيفية تدعيم الحوار في المنطقة والعالم ودعم الاستقرار ومواجهة الازمات الانسانية والاجتماعية، وان قضية اللاجئين في العالم ومشاكلهم وكيفية استيعابهم في الدول المضيفة من القضايا الهامة التي يهتم بها الفاتيكان.

وقد شكل توقيع وثيقة الاخوة الانسانية بين البابا فرانسيس وشيخ الازهر الدكتور احمد الطيب في شهر شباط الماضي في دولة الامارات المتحدة احد اهم الانجازات الاساسية في مسيرة الحوار الاسلامي – المسيحي خلال هذا العام وهو حصيلة علاقة مميزة وخاصة بين البابا وشيخ الازهر، وان الجهد سيتواصل لاستكمال المسيرة الحوارية خلال العام المقبل ، ومن هنا تأتي اهمية الزيارة التي سيقوم بها البابا الى العراق في العام المقبل ، وهناك بحث مستمر في امكانية ترتيب زيارة للبنان ولكن الموضوع لم يقرر حتى الان.

ويضيف الخازن : واما على الصعيد اللبناني فان الفاتيكان يعطي اهمية وخصوصية في كيفية التعاطي مع الاوضاع في لبنان ، ومع انه يدعو لاعتماد سياسة الترحيب والايجابية على صعيد قضية اللاجئين والنازحين في العالم فانه يحترم الخصوصية اللبنانية ويؤكد على اهمية حماية الاستقرار اللبناني ودور لبنان في الحوار ، وعدم حصول ما يؤثر سلبا على الواقع الديمغرافي اللبناني، وينظر الفاتيكان بايجابية الى الاستقرار الامني والسياسي العام في لبنان طيلة السنوات الاخيرة رغم المشاكل الاقتصادية والمالية وبعض السجالات السياسية الداخلية.

العودة للارشاد الرسولي

لكن ماذا عن افاق المستقبل ؟ والاهتمامات الفاتيكانية في المرحلة المقبلة؟ وما يجري من تطورات اقليمية ودولية؟

يجيب السفير الخازن : ان الاولوية في المرحلة المقبلة على الصعيد اللبناني تتركز اليوم على اعادة الاهتمام بالارشاد الرسولي الذي اطلقه البابا يوحنا بولس الثاني عام 1997 حول لبنان ، وان هناك جهدا خاصا ومستمرا على اعادة تفعيل هذا الارشاد والاستفادة من مضمونه من اجل تفعيل الحوار الاسلامي- المسيحي والتركيز على دور لبنان الاساسي كمركز عالمي للحوار ، اضافة لتسليط الضوء على الشعار الذي رفعه البابا يوحنا بولس الثاني : لبنان رسالة، وكل ذلك ينطلق مما يتميز به لبنان على صعيد التعددية والتنوع والحريات، وان هناك تحضيرات مستمرة لعقد لقاء حواري موسع حول الارشاد الرسولي في نهاية العام الحالي او مع بداية العام المقبل.

ويتابع الخازن : ان السياسة الفاتيكانية تعمل بصمت لحماية الاستقرار والامن والسلم في العالم ، وهي تنظر بقلق الى كل السياسات الدولية والاقليمية التي تهدد السلم العالمي او تسعى لاثارة المشاكل والازمات ، وقد يكون صحيحا ان الفاتيكان قد لا يمتلك الكثير من عناصر التأثير المباشر على السياسات العالمية، لكنه بالمقابل يسعى بكل ما امكن ويعلن موقفه الواضح والمستمر بانه ضد الحروب والصراعات في العالم ومع كل ما يساعد في تخفيف الازمات والمشاكل الاجتماعية والانسانية ، وان اداء البابا فرانسيس اليوم وطريقة حياته الشخصية ومواقفه المستمرة نموذج واضح في هذا الاتجاه.

ويختم الخازن بالقول : ان الفاتيكان (كنيسة ودولة ) يتابع اليوم باهتمام وتركيز كل ما يجري من تطورات في لبنان والمنطقة والعالم واذا كان اسلوب الفاتيكان له خصوصية في كيفية مقاربة الاوضاع والتعبير عن الموقف ، فان ذلك لا ينفي اننا اليوم امام سياسة فاتيكانية جديدة تعطي الاولوية لهموم الانسان ومشاكله وهي ترفض كل ما يؤدي الى الحروب والصراعات في المنطقة والعالم ، ويبقى للبنان خصوصية مميزة في الاهتمام الفاتيكاني المستمر.

قاسم قصير