العدد 1420 / 8-7-2020
بسام غنوم

تعيش الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان في حالة من النكران لواقع اللبنانيين السيّء, والذي يسير في مسار انحداري بدأ يرخي بثقله على مختلف القطاعات ولا سيما قطاع الكهرباء الذي وصل الى مرحلة التقنين الشامل في بيروت وسائر المناطق اللبنانية, حيث لا تصل الكهرباء الى اللبنانيين في بيروت أكثر من اربع ساعات يوميا فيما تغيب في سائر المناطق وهو ما ولد اضطرابات وتحركات في الشارع خصوصا في بيروت حيث امتدت معاناة انقطاع الكهرباء الى المستشفيات الخاصة والحكومية, وهو ما اصبح يهدد حياة المرضى, ما دفع بمستشفى رفيق الحريري الجامعي وهو المستشفى الرئيسي لاستقبال مرضى الكورونا الى الاعلان عن تقنين في استعمال الكهرباء في المستشفى, فيما المستشفيات الأخرى تضع اعلانات على ابواب الطوارئ انها لا تستطيع استقبال مرضى العزل, وهذه الحالة لم يسبق لها مثيل في تاريخ لبنان حيث كانت الكهرباء متوافرة دائما سواء عبر شركة الكهرباء او عبر المولدات الخاصة للمؤسسات الصحية, وهو ما يكشف عن المأزق والأزمة الاجتماعية والصحية والاقتصادية التي يغرق فيها اللبنانيون في هذه الأيام الحارة من فصل الصيف.

في ظل هذه الاجواء التي تضغط على اللبنانيين تبدو الطبقة السياسية الحاكمة والحكومة اللبنانية مشغولة بحساباتها الخاصة ومحاصصاتها في ادارات الدولة ولا سيما في قطاع الكهرباء, كأن الامور بألف خير.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل ما يجري مخطط له, وأين مصلحة لبنان واللبنانيين؟

في الأسبوع الماضي ومع ارتفاع سعر صرف الدولار الى مستويات قياسية تجاه الليرة اللبنانية حيث وصل سعر صرف الدولار الى عشرة آلاف ليرة لبنانية, تحركت الساحة السياسية على وقع التحركات الشعبية المتصاعدة بسبب ارتفاع الاسعار, و جرى الحديث عن امكان حدوث تغيير حكومي يستطيع وقف حالة الانهيار الاقتصادي التي تفتك بلبنان واللبنانيين, وبمجر الحديث عن احتمال تغيير الحكومة القائمة وتشكيل حكومة جديدة طرأ تحسن كبير في سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار, حيث بلغ انخفاض سعر صرف الدولار بين ليلة و ضحاها 25 في المئة ووصل الى حدود 7500 ليرة, وهو ما ادى الى حدوث موجة نفاؤل بين اللبنانيين لكن كل ذلك تبخر وعاد سعر صرف الدولار الى الارتفاع بعد تأكيد "حزب الله" أن الحكومة الحالية باقية وانه لا امكان لتغييرها الا في حال التوافق على حكومة جديدة وفق المواصفات المطلوبة, مما ادى الى انحسار موجة التفاؤل وعودة الامور الى ما كانت عليه من انسداد في آفاق الحل السياسي الذي يمكن ان ينقذ لبنان من حالة الانهيار الاقتصادي و الاضطراب الامني القائم حاليا.

وبدلا من ان تستفيد الطبقة الحاكمة من الاشارات الايجابية التي حملها الحديث عن التغيير الحكومي عمدت الى اطلاق موجة جديدة من لمحاصصة في ادارات الدولة وهذه المرة في قطاع الكهرباء حيث تم التوافق بين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل والرئيس نبيه بري بمباركة حزب الله على تعيين مجلس ادارة جديد لشركة الكهرباء كما على تعيين الهيئة الناظمة للكهرباء التي يريد التيار الوطني الحر ان تبقى خاضعة لسلطة الوزير المختص, وهذا الامر هو الذي يعيق تشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء منذ سنوات , لكن يبدو ان الطبقة الحاكمة تريد اللعب في الوقت الضائع مع اللبنانيين والمجتمع الدولي من اجل فرض وجودها كامر واقع بمعزل عن مواقف اكثرية اللبنانيين والقوى السياسية الاخرى التي ترفض وضع لبنان في محور سياسي في مواجهة الدول العربية والمجتمع الدولي, الذي يسبب للبنان متاعب سياسية واقتصادية هو بغنى عنها.

باختصار لبنان اسير لعبة المحاور الاقليمية والدولية الدائرة في المنطقة, والطبقة الحاكمة تريد فرض وجودها كأمر واقع بمعزل عن ارادة اللبنانيين فهل سيبقى لبنان الذي يعرفه اللبنانيون؟