قاسم قصير

تزايدت مؤخراً التقارير الدبلوماسية والإعلامية التي تتحدث عن تصاعد الضغوط الأميركية والإسرائيلية ضد حزب الله ولبنان في المرحلة المقبلة، فبالإضافة إلى العقوبات المالية التي قد تفرضها الإدارة الأميركية على لبنان في الفترة المقبلة، تتخوف بعض المصادر السياسية من وجود خطة متكاملة أميركية إسرائيلية وبدعم من دول عربية وإقليمية ضد حزب الله، وذلك في إطار الحملة على إيران وحلفائها في المنطقة.
وقد نشرت بعض الوسائل الإعلامية (ومنها موقع القوات اللبنانية) وصحف غربية تقريراً موسعاً يتحدث عن «اتجاه أميركا لقيادة تحالف دول مكوّن من 20 دولة غربية وعربية وإقليمية بهدف التحضير لعمل ضخم ضد حزب الله»، وانه جرى عقد اجتماع موسع في وزارة المالية الأميركية ضم ممثلين عن مجموعة الدول الأعضاء في مجموعة التنسيق الأمني الدولية وبحضور ممثلين عن جهاز الانتربول الدولي، وان الهدف من الاجتماع ضرب كل سبل تمويل حزب الله في إطار استراتيجية شاملة لا تستثني الراعي الأساسي له وهي إيران، وتوازي الإدارة الأميركية بين العمل العسكري ضد الحزب في سوريا وبين تجفيف منابع تمويله».
وبموازاة هذه المعطيات جرى الحديث عن قيام الإدارة الأميركية في الأسابيع المقبلة بفرض المزيد من العقوبات المالية على حزب الله وحلفائه في لبنان، ما يعني ان هذه العقوبات قد تشمل بعض قادة حركة أمل والتيار الوطني الحر وشخصيات أخرى، ما سيكون له انعكاسات خطيرة ليس فقط على حزب الله، بل على الوضع اللبناني عامة.
فما هي حقيقة الضغوط الأميركية والإسرائيلية على حزب الله ولبنان في المرحلة المقبلة؟ وهل ستصل الى مستوى شن عمل عسكري يستهدف الحزب ولبنان؟ وكيف تتعاطى قيادة حزب الله مع هذه الضغوط؟
الضغوط الأميركية والإسرائيلية
بداية ما هي حقيقة تزايد الضغوط الأميركية والإسرائيلية على حزب الله في المرحلة المقبلة؟
لم تعد المعلومات والمعطيات حول تزايد الضغوط الأميركية والإسرائيلية على حزب الله سرية أو غير معلنة، فالتقارير الدبلوماسية والميدانية والإعلامية تؤكد هذه الضغوط وتزايدها، إن على الصعيد المالي أو الدبلوماسي أو الإعلامي أو على الصعد الأمنية والعسكرية.
فالإدارة الأميركية بدأت التحضير لمشروع جديد لفرض عقوبات مالية جديدة قد لا تقتصر فقط على المسؤولين في الحزب ومؤسساته، بل ستشمل قيادات لبنانية حليفة للحزب (من حركة أمل والتيار الوطني الحر وأحزاب أخرى).
وقد عبَّر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في تصريح لقناة (سي،ان،بي،سي) الأميركية «عن قلقه إزاء انعكاسات العقوبات الجديدة على لبنان، لأنه لا توجد معلومات تفصيلية عن المشروع الجديد، لذا لا بدّ من وجود استراتيجية تواصل بين الحكومة اللبنانية والإدارة الأميركية لمتابعة هذا الملف».
كذلك بدأ وفد مصرفي لبناني بزيارة لأميركا للقاء مع المسؤولين الأميركيين لبحث تفاصيل المشروع الأميركي الجديد والذي سيضيف اجراءات أكثر صراحة من القانون 2297 الهادف الى تجفيف مصادر تمويل حزب الله.
وبالتزامن مع هذه الاجراءات الأميركية المشددة، بدأ الكيان الصهيوني اجراءات ميدانية في شمالي فلسطين وعلى الحدود مع لبنان تشير إلى احتمال حصول عدوان إسرائيلي جديد على حزب الله ولبنان في المرحلة المقبلة، ما دفع قيادة الحزب إلى الرد على هذه الاجراءات بإعادة نشر مجموعات من المقاومة الإسلامية في العديد من المناطق الجنوبية ورفع حالة الاستعداد والحذر وتوجيه تحذيرات واضحة إلى الكيان الصهيونيي «من ان أي عدوان إسرائيلي جديد على لبنان سيواجه بردٍّ قاسٍ».
لكن الأخطر في هذه التحضيرات ما أشار إليه «موقع القوات اللبنانية الإعلامي» الذي تحدث عن التحضير لعمل ضخم ضد حزب الله قد لا يقتصر على أميركا والكيان الصهيوني، بل سيضم قوى عربية ودولية أخرى». وتعليقاً على هذا التقرير لم تنف أو تؤكد مصادر دبلوماسية غربية من بيروت مضمونه، لكنها أشارت «الى ان هناك خططاً جديدة يتم التحضير لها في أميركا ضد الحزب، لكن لا توجد معطيات كاملة حول تفاصيلها». 
ردّ حزب الله ولبنان
لكن كيف يواجه حزب الله ولبنان هذه الضغوط المتزايدة، وهل يمكن منع تداعياتها المستقبلية؟
على المستوى الرسمي اللبناني والقطاع المصرف اللبناني بدأت سلسلة اتصالات ولقاءات في لبنان أو في أميركا مع المسؤولين الأميركييين من أجل الاطلاع على تفاصيل الاجراءات الأميركية الجديدة المتوقعة والتحذيرات من مخاطرها، وقد صدر عن الرئيس العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري وحاكم مصرف لبنان سلسلة مواقف تحذر من مخاطر هذه العقوبات وتؤكد العمل لمنع تداعياتها.
أما على صعيد قيادة حزب الله، فهي أعلنت على لسان نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم «ان مواجهة الاجراءات الأميركية من مهمة الحكومة اللبنانية والمسؤولين اللبنانيين».
وفي مواجهة المخاوف من احتمال حصول عمل عسكري اسرائيلي يستهدف حزب الله ولبنان بدعم أميركا، حرص الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في مواقفه الأخيرة «من التخفيف من احتمال حصول مثل هذا العدوان» وأكد «قوة الحزب وقدراته في مواجهة أي حرب مقبلة».
لكن بعض الأوساط السياسية من لبنان اعتبرت «ان قرار حزب الله بالانسحاب من بعض المواقع العسكرية على الحدود اللبنانية - السورية، بعد انتهاء مهمات الحزب هناك، قد يكون له علاقة بالتطورات المتوقعة من قبل الاميركيين والاسرائيليين».
وفي الخلاصة فإن من الواضح ان المرحلة المقبلة ستشهد المزيد من تصعيد الأجواء الأميركية ضد حزب الله ولبنان وإيران، وبالمقابل هناك جهود عديدة تبذل، إن على المستوى الرسمي اللبناني أو المؤسسات المصرفية لاستيعاب الضغوط الأميركية. أما على المستوى الميداني، فهناك استعدادات متواصلة للرد على أي عدوان إسرائيلي، ما يعني ان أجواء التوتر قد تزداد، لكن ذلك لا يعني ان الحرب واقعة لا محالة، لكن الاستعداد لمواجهة أي عدوان هو الطريق الأفضل لمنع حصول هذا العدوان.}