العدد 1432 / 14-10-2020
بسام غنوم

لعله ليس من قبيل المصادفة ان تتزامن المشاورات التي يجريها الرئيس سعد الحريري مع الرئيس ميشال عون والثنائي الشيعي وباقي الطبقة السياسية الحاكمة مع ذكرى مرور سنة على انتفاضة او ثورة 17 تشرين أول 2019 والتي أدت الى إستقالة الرئيس سعد الحريري من رئاسة الحكومة استجابة لمطالب اللبنانيين المنتفضين كما قال في بيان استقالته.

فهذه الطبقة السياسية اعادت احياء نفسها مجدداً وفي نفس ذكرى 17 تشرين أول 2019 لتقول لعامة اللبنانيين الرافضين لمواقفها وسياساتها وتسوياتها انها باقية في السلطة رغماً عن الانهيار المالي والاقتصادي ورغماً عن كل المطالبين بالإصلاح ورغماً عن كل اللبنانيين الذين خرجوا الى الشوارع في 17 تشرين أول 2019، وهذا يؤكد أمرين الأول ان الطبقة السياسية الحاكمة استطاعت ان تفشل الحراك الشعبي عبر اثارة النعرات الطائفية والمذهبية وعبر الاتهامات للبنانيين الذي خرجوا الى الشوارع بالعمالة للسفارات الأميركية والاجنبية، واما الأمر الثاني فهو انه لا يمكن بأي حال من الأحوال استبدال رموز الفساد في لبنان ولو ادى ذلك الى خراب لبنان، والمشاورات التي يجريها الرئيس سعد الحريري مع الرئيس عون والثنائي الشيعي وباقي القوى السياسية الحاكمة تحت عنوان إنقاذ لبنان عبر محاولة احياء المبادرة الفرنسية هو أكبر دليل على أن المسؤول عن الفساد والخراب المالي والإقتصادي يعود ليقول للبنانيين مجدداً انا الباب الوحيد للإنقاذ ولا يوجد باب آخر غيري لإنقاذ لبنان واللبنانيين.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يمكن لسعد الحريري ومعه الثنائي الشيعي القيام بالإصلاحات التي يطالب بها الفرنسيون والمجتمع الدولي؟

استغرب كثيرون الصحوة المفاجئة للرئيس الحريري فيما يتعلق بعودته مجدداً الى رئاسة الحكومة وهو الذي كان طوال سنة اي منذ انتفاضة 17 تشرين أول 2019 يقول انه لن يقبل ابداً بالعودة الى رئاسة الحكومة في ظل الاجواء السابقة التي رافقت رئاسته للحكومة قبل 17 تشرين أول 2019.

لكن وراء الكواليس كان الحريري يعمل ليلاً نهاراً على إفشال وصول أي شخص لرئاسة الحكومة غيره حتى ولو كان من المقربين إليه مثل بهيج طبارة ومحمد البعاصيري وحتى مصطفى أديب وكان يقول دائماً لمن يسأله عن موضوع ترشيحه شخصية سنية غيره لرئاسة الحكومة "انه لا يغطي أحداً" ، ولعل احد اسباب فشل مصطفى أديب في مهمة تشكيل الحكومة الجديدة والتي كانت مكلفة انجاز الاصلاحات التي طالبت بها المبادرة الفرنسية هو ما حاول نادي رؤساء الحكومات السابقين القيام به لناحية فرض شروط معينة لتشكيل الحكومة وخصوصاً فيما يتعلق بحقيبة المال التي يتمسك بها الثنائي الشيعي، وهو ما قبل به الرئيس سعد الحريري لاحقاً من باب "تجرع السم" لإنقاذ لبنان كما قال، وهو ما يؤكد ان الرئيس الحريري كان طوال السنة الماضية ومعه التيار الوطني والثنائي الشيعي يعملون معاً وكل على طريقته من أجل إفشال حراك اللبنانيين في 17 تشرين أول والعودة بالأمور الى مربع التسويات الذي كان قائماً منذ انتخاب الرئيس عون في 30 تشرين أول 2016.

في ظل هذا الواقع تبدو الآمال المعلقة على حكومة جديدة تطبق المبادرة الفرنسية والإصلاحات المطلوبة أقرب الى السراب من الواقع، فهذه الطبقة السياسية كما قال اللبنانيون في 17 تشرين أول 2019 "كلن يعني كلن" احترفت الفساد السياسي والاقتصادي وهي التي اوصلت لبنان الى ما وصل إليه من إنهيار مالي وإقتصادي ، وبالتالي لا يمكن بأي حال من الأحوال المراهنة مجدداً على نهوض لبنان على ايدي الاشخاص الذين اوصلوا لبنان الى ما هو عليه.

بإختصار يعيش اللبنانيون الذين يعانون من الأزمات المالية والاقتصادية ووباء كورونا فصلاً جديداً من فصول آلاعيب الطبقة السياسية الحاكمة اسمه "إنقاذ لبنان" عبر حكومة جديدة برئاسة سعد الحريري، فهل ينتفض اللبنانيون مجدداً إنتصاراً لوطنهم ام يمضي لبنان في طريقه نحو الهاوية؟