العدد 1373 / 7-8-2019
قاسم قصير

بعد شهرين ونصف تقريبا ينهي العماد ميشال عون النصف الاول من ولايته ويدخل في النصف الثاني منها ، في ظل نقاشات وسجالات عديدة تسود البلاد حول الانجازات التي تحققت والتحديات التي تواجه "العهد القوي" ، وفي هذا الاطار تعقد لقاءات وندوات حوارية لمناقشة الانجازات والتحديات التي يواجهها العهد اليوم ، ومنها ندوة خاصة مغلقة عقدها معهد الدراسات المستقبلية بحضور عدد من الباحثين والاعلاميين .

فما هي ابرز هذه التحديات والانجازات ؟ وهل فشل العهد في تحقيق ما رفعه من شعارات؟ والى اين تتجه الاوضاع في النصف الثاني من الولاية؟

هذه هي مظاهر فشل العهد

في النقاش رأى أصحاب الإتجاه المعارض للتيار الوطني الحر: أنَّ الازمة الاقتصادية ستتفاقم تصاعدياً وبالتالي فإن الاضطرابات الاجتماعية ستطغى في القسم الثاني من العهد، وأن كل ذلك ناتج عن الإدارة السيئة للطبقة السياسية اللبنانية، حيث ثقافة الفساد أمست متفشية بشكل لا يمكن السيطرة عليها. يضاف إلى ذلك انعكاس سياسة العقوبات التي يمارسها الرئيس الامريكي دونالد ترامب في حصاره الاقتصادي على إيران وتداعياتها على لبنان. ويعتبر هؤلاء أن من مظاهر فشل العهد إقرار رئيس الجمهورية بأن البلد منهوب، لكن لا يوجد حتى الآن سارق واحد من الكبار في السجون على الرغم من مرور نصف مدة العهد. وسألوا: اين هي نظرية شطف الدرج من فوق التي تغنوا بها لسنوات؟

وأشاروا إلى أن من المظاهر على الفشل: الوضع الاقتصادي شبه المنهار، كما أن الكهرباء ما زالت في تراجع مستمر على الرغم من كل الوعود بـ 24/24 منذ سنوات وسنوات. وفي موازاة ذلك فإن الطوائف والمذاهب اللبنانية متوجسة وخائفة من بعضها البعض , والكل يبحث عن قوة خارجية للحماية، كما أن القضاء غير عادل في بعض احكامه والرأي العام يفقد ثقته بالقضاء، والحريات مهددة بل هي في أسفل درجاتها.

ولفت بعض المشاركين إلى أن البيئة السُنية لم تكن متقبلة للتسوية بين "التيار" ورئيس الحكومة سعد الحريري، لكنها أمِلت بمرحلة جديدة. ويعتبرون أن الإحباط في الوسط السُني نشأ من سلسلة مواقف واتجاهات للرئيس ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل، منها أنه لم يفك تحالفه مع حزب الله للدفاع عن "سيادة الدولة"، مشيرين إلى أن ما قاله الرئيس عون على منبر الأمم المتحدة لجهة التمسك بسلاح حزب الله هو تبرير لبقاء هذا السلاح وتشريعه في شكلٍ دائم.

إنجازات العهد الوطنية والسياسية

في المقابل رأى اتجاه آخر من المؤيدين للعهد : أن عهد الرئيس ميشال عون حقق عدة إنجازات ومنها إعداد قانون انتخاب نسبي عصري رغم وجود بعض الثغرات فيه ، تحييد لبنان عن الصراع في المنطقة في ظل أزمة كبرى، دخول حزب الله في السياسة الداخلية، النجاح في القضاء على الإرهاب التكفيري، إضافةً إلى مجموعة من المسارات التي هي قيد الإستكمال وهي ملف الغاز والنفط وتحويل لبنان مركزاً لحوار الحضارات والأديان وإعادة التوازن بين المسيحيين والمسلمين في شكل حقيقي، ونظراً لأن هناك تقدماً للدور المسيحي نتيجة للتوازن يشعر البعض عن صواب أو عن خطأ بوجود غُبن في الساحة السُنية. وتشير بعض الأصوات من هذا الإتجاه إلى إنجاز آخر يتمثل في إشراك المغتربين في الإنتخابات في المرة المقبلة، والعمل الحثيث في وزارة الخارجية لتشجيع الإنتاج الإقتصادي ومواجهة الوزير جبران باسيل لملف النزوح الذي يحتاج مقاربة لبنانية موحدة.

إلى ذلك، هناك من أثنى على إعادة التوازن لكنه يشير إلى أن أسلوب التيار الوطني الحر وخطابه يثير حذراً لدى الطوائف المسلمة. وفي مسألة العلاقة بالخارج، تعتبر بعض الأصوات المؤيدة للعهد أن السياسة الخارجية متوازنة على الرغم من أرجحية واضحة في العلاقة مع المحور الإيراني". "

ويشيرون في العلاقة مع النائب السابق وليد جنبلاط إلى أن هناك تخويفاً دائماً من الرئيس القوي خاصة في البيئة الدرزية وذلك لأسبابٍ سياسية، وإلى أن أسباب انتفاضة جنبلاط ناتجة عن اعتراضه على عودته إلى حجمه الحقيقي.

وأشار أصحاب هذا الرأي إلى أنه على الرئيس عون أن يضع اتفاق الطائف على سكة النقاش والحوار كي لا نبقى في الحلول المفرغة، ودعوا لاستكمال البحث في مجلس الشيوخ لحماية الطوائف وانتخاب مجلس نواب على أساس وطني، ويرون أن متابعة الإنجازات هي مستويات محاربة الفساد والموضوع الإقتصادي والملف القضائي، لافتين إلى إقرار قانون الوصول إلى المعلومات وقانون كاشفي الفساد والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي يجب أن تشكل قريبا.

- وبغض النظر عن وجهات النظر المختلفة حول تقييم عهد الرئيس العماد ميشال عون، فان هناك عدة نقاط ينبغي وضعها اليوم على طاولة النقاش ومنها: النقاش حول الاستراتيجية الدفاعية واستكمال تطبيق اتفاق الطائف والحوار حوله، وضع رؤية موحدة لمعالجة ازمة النازحين السوريين، تحييد لبنان عن صراعات المنطقة، الاخذ بالاعتبار هواجس ومخاوف كافة المكونات والطوائف اللبنانية، اتخاذ اجراءات حاسمة في مكافحة الفساد واصلاح القضاء واستقلاليته ، ومعالجة الازمة المالية والاقتصادية.

قاسم قصير