العدد 1429 / 23-9-2020

"طبعا عجهنم".. بهذه العبارة المفاجئة والصادمة أجاب الرئيس اللبناني ميشال عون، يوم الإثنين، على صحفية سألته "لوين رايحين" في حال عدم توافق الفرقاء على تشكيل الحكومة؟.

ويخشى اللبنانيون أن يزداد وضع بلدهم سوءا، خاصة وأنه يعاني منذ شهور، أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ الحرب الأهلية (1975: 1990) واستقطابا سياسيا حادا، في مشهد تتصارع فيه مصالح دول إقليمية وغربية.

وأضاف عون، خلال مؤتمر صحفي بثته قنوات تلفزيونية محلية، أن البلد "اليوم أمام أزمة تشكيل حكومة، لم يكن مفترضا أن تحصل، لأن الاستحقاقات التي تنتظره لا تسمح بهدر أي دقيقة".

وكلف عون، في 31 آب الماضي، الدكتور مصطفى أديب بتشكيل حكومة تخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة، برئاسة حسان دياب، والتي استقالت يوم 10 من الشهر نفسه، بعد 6 أيام من انفجار كارثي في مرفأ العاصمة بيروت.

وتابع أنه طرح حلولا منطقية ووسطية لتشكيل الحكومة، لكن لم يتم القبول بها، "لذا تبقى العودة إلى النصوص الدستورية واحترامها هو الحل الذي ليس فيه لا غالب ولا مغلوب".

ويتمسك الثنائي الشيعي، "حزب الله" وحركة "أمل"، بالحصول على حقيبة وزارة المالية، ما يمثل عقبة في طريق تشكيل الحكومة.

وقال عون: "الدستور لا ينص على تخصيص أي وزارة لأي طائفة من الطوائف أو لأي فريق من الفرقاء، كما لا يمكن منح أي وزير سلطة لا ينص عليها الدستور".

وحذر من أنه "مع تصلب المواقف لا يبدو في الأفق أي حل قريب، لأن كل الحلول المطروحة تشكل غالبا ومغلوبا".

وكرس اتفاق الطائف عام 1989، الذي أنهى الحرب الأهلية، معادلة اقتسام السلطة على أساس محاصصات توزع المناصب الرئيسية بين المكونات الأساسية الثلاثة، وهم المسيحيون والسنة والشيعة.

وأردف عون: "الثنائي الشيعي يصران على التمسك بوزارة المالية وعلى تسمية الوزير وسائر وزراء الطائفة الشيعية الكريمة". واستطرد: "بالمقابل لا يريد الرئيس المكلف (أديب) الأخذ برأي رؤساء الكتل (النيابية) في توزيع الحقائب وتسمية الوزراء، ويطرح المداورة الشاملة، ويلتقي معه في هذا الموقف رؤساء حكومة سابقون".

واستطرد: "لا يجوز استبعاد الكتل النيابية عن عملية تأليف الحكومة، لأن هذه الكتل هي من سيمنح الثقة أو يحجبها في المجلس النيابي .

وزاد بقوله: "كما لا يجوز فرض وزراء وحقائب من فريق على الآخرين، خصوصا وأنه لا يملك الأكثرية النيابية".ولفت إلى أن أديب "قام بأربع زيارات للقصر الرئاسي، ولم يستطع أن يقدم أي تصور أو تشكيلة أو توزيع للحقائب أو الأسماء، ولم تتحلحل العقد".

وأردف: "التصلب في الموقف لن يوصلنا إلى أي نتيجة، سوى المزيد من التأزيم، في حين أن لبنان أكثر ما يحتاجه في ظل كل أزماته المتلاحقة، هو بعض الحلحلة والتضامن ليتمكن من النهوض ومواجهة مشاكله".

واقترح عون "إلغاء التوزيع الطائفي للوزارات التي سميت بالسيادية وعدم تخصيصها لطوائف محددة، بل جعلها متاحة لكل الطوائف، فتكون القدرة على الإنجاز، وليس الانتماء الطائفي، هي المعيار في اختيار الوزراء".

وتابع: "لا الاستقواء على بعضنا سينفع، ولا الاستقواء بالخارج سيجدي، وحده تفاهمنا المبني على الدستور والتوازن هو ما سيأخذنا إلى الاستقرار والنهوض".

وأعلن أديب، الخميس، أنه اتفق مع عون، على "التريث وإعطاء المزيد من الوقت" لمشاورات تشكيل الحكومة.

وبشأن المبادرة الفرنسية للبنان، قال عون: "تشاورنا مع (الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون بالوضع القائم، لكن نحن من يشكل الحكومة وليس الرئيس الفرنسي".

وتزامن تكليف أديب مع زيارة تفقدية لبيروت قام بها ماكرون، ما أثار اتهامات له بالتدخل في الشأن اللبناني، لاسيما عملية تشكيل الحكومة، في محاولة للحفاظ على نفوذ لفرنسا في البلد الذي احتلته بين 1920 و1943.