بسام غنوم

مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات النيابية في السادس من شهر أيار القادم، بدأت الحملات الانتخابية تأخذ منحىً آخر.
فبعد الانتهاء من عملية تشكيل اللوائح الانتخابية في كل المناطق والمحافظات، واتضاح صورة التحالفات بين القوى المختلفة، اتجهت القوى السياسية الى العمل على الأرض بغية تأمين الأصوات اللازمة للوائحها، وخصوصاً الصوت التفضيلي الذي يمثل الهاجس الأكبر للوائح الكبرى، وهو ما أدخل أعضاء اللائحة الواحدة في تنافس مباشر، كما هو الحال في لائحة المستقبل في طرابلس بين النائبين سمير الجسر ومحمد كبارة، والنائب سليم كرم مع تيار المردة، دون أن ننسى الخلاف الصامت بين الرئيس تمام سلام وتيار المستقبل في بيروت بشأن أولوية إعطاء الصوت التفضيلي للائحة المستقبل للرئيس سعد الحريري والوزير نهاد المشنوق، فيما يجري تغييب الرئيس سلام تفضيلياً وإعلامياً.
في ظل هذا الواقع، برزت على الأرض حمّى التصريحات والمواقف الإعلامية والإعلانية التي تطاول اللوائح المنافسة، حيث يجري توزيع تهم الخيانة والعمالة والارتزاف بالجملة والمفرق، واللافت ترافق الحملات الإعلامية للوائح السلطة مع تحركات واستفزازات تطاول المرشحين في اللوائح الأخرى، وقد وصل الأمر الى حد اعتداء أنصار تيار المستقبل على المرشح على لائحة كرامة بيروت رجا الزهيري، وكذلك حصل اعتداء على المركز الانتخابي للائحة بيروت الوطن في منطقة كراكاس، كذلك اعتبرت جريدة المستقبل أن هدف مرشحي اللوائح الأخرى «هو «شق الصف» البيروتي خدمة لأجندة «حزب الله» والنظام السوري»، واتهمت اللوائح المنافسة لها في بيروت بأنها لوائح «الوصاية» السورية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا تلجأ لوائح السلطة الى اتهام منافسيها، وهل بهذه الطريقة تحمي لبنان؟
من الطبيعي في الحملات الانتخابية، وخصوصاً النيابية، أن تجري عملية شد العصب الانتخابي للناخبين باستخدام لغة قوية، وخصوصاً في وجه المنافسين.
لكن أن تستغل القوى الممسكة بالسلطة نفوذها الرسمي من أجل الدعاية الانتخابية وتوجيه الاتهامات للوائح المنافسة لها، حتى تصل الأمور الى حد الاعتداء المباشر على الأشاص والمراكز المنافسة، فهذا لا يدخل بأيِّ حال من الأحوال في إطار الحملات الإعلامية والمواقف القانونية والديموقراطية.
ففي الإطار الإعلامي يجري اتهام الخصوم بالخيانة والعمالة، وهذا يرتِّب ملاحقات قانونية، بغضّ النظر عمّا إذا كانت هذه الاتهامات صادقة أو كاذبة.
فتيار المستقبل يتهم باقي اللوائح المنافسة له في بيروت بأنها ضمن «طابور الوصاية» الذي يستهدف «شق الصف البيروتي» خدمة لأجندة «حزب الله» والنظام السوري الهادفة، تحت مسميات وشعارات تحاكي تارة الدفاع عن الكرامة البيروتية وأخرى الذود عن عاصمة الوطن، الى تحقيق ماكينة الحزب الانتخابية في 6 أيار 2018 ما عجزت عنه ماكينته في 7 أيار 2008».
والهدف من هذه المواقف الاتهامية إبعاد الناخبين عن اللوائح المنافسة لتيار المستقبل، ولو عبر الاتهام بالعمالة والخيانة للوطن.
واللافت أن هذه الاعتداءات تحصل بغطاء رسمي، فبعد كل اعتداء تُلقي القوى الأمنية القبض على المعتدى عليهم فيما يُترك المعتدون أحراراً.
وهناك ما هو أخطر من هذه الاعتداءات، هو محاولة شراء الذمم والأصوات عبر المال الانتخابي الذي يجري توزيعه بكثرة عبر وسائل عدة، مثل دفع مبلغ 500 دولار ثمناً للخيمة الانتخابية، والاتصال بالناخبين وعرض أموال مقابل خدمات محدودة، وهذا كله يجري تحت أعين هيئة الإشراف على الانتخابات التي تجد نفسها عاجزة عن فعل أي شيء لوقف هذا التمادي في خرق قانون الانتخابات.
ولا تقتصر الخروقات على تيار المستقبل، فـ«حزب الله» اتهم خصومه في منطقة بعلبك - الهرمل بأنهم لوائح جبهة النصرة وداعش، وهو ما يعني اتهام المنافسين بالخيانة العظمى، ولا ننسى ما جرى مع الشيخ عباس الجوهري في الأمن العام من توقيف بحجة تجارة المخدرات ومن ثمة محاولة الاعتداء على مرافقه الشخصي من قبل مجهولين.
وفي نفس السياق، يتحرك التيار الوطني الحر، حيث أعاد الوزير جبران باسيل نبش الخلاف في حرب الجبل من أجل كسب أصوات الناخبين المسيحيين فقال «إن تياره ليس معنياً بالمصالحة، بل الذين سالت الدماء على أيديهم»، وهو ما دفع الوزير غازي العريضي الى الرد عليه بالقول: «الحقد والغباوة ليسا ضماناً. الحقد والغباوة مرضان قاتلان، فكيف إذا اجتمع المرضان في شخص أو جهة؟».
باختصار، أحزاب السلطة تستخدم التجييش الإعلامي لجذب الناخبين، وهذا يدل على أن هذه الأحزاب مأزومة، وتخشى أن تأتي نتائج الانتخابات بغير توقعاتها. فهل يصوت اللبنانيون للتغيير؟}