العدد 1420 / 8-7-2020
قاسم قصير

يشهد لبنان هذه الايام حراكاً دبلوماسياً عربياً واجنبياً في كل الاتجاهات ، وتتوزع هذه التحركات بين محاولات للضغط على حكومة الرئيس الدكتور حسان دياب لمنعها من التوجه الى الشرق ، وبين محاولات اخرى للبحث عن حلول للازمة اللبنانية المتفاقمة ومنع الانجرار نحو الاسوأ.

وتبدي الأوساط الدبلوماسية العربية والغربية في بيروت اهتماما كبيرا بالتطورات المتسارعة في لبنان, في ظل إزدياد المخاوف من تدهور الأوضاع الإقتصادية والأمنية والعسكرية في الأيام والأسابيع المقبلة ,لا سيما في ظل التطورات المتسارعة داخليا وخارجيا.

فماهي ابعاد التحركات الدبلوماسية في بيروت ؟ والى اين ستؤدي هذه التحركات؟

طبيعة التحركات الدبلوماسية

نشطات البعثات الدلوماسية العربية والغربية خلال الأيام الماضية لإجراء سلسلة إتصالات مع جهات إعلامية وسياسية وإقتصادية من أجل معرفة أفاق الوضع اللبناني في المرحلة المقبلة والسيناريوهات المتوقعة وما هي الخيارات الممكنة لمواجهة التحديات والمخاطر القادمة. وعمدت بعض هذه الجهات للضغط على حكومة الرئيس حسان دياب لاسقاطها والبحث عن بديل عنها.

فماذا في جعبة الدبلوماسيين العرب والغربيين ؟ وما هي ابرز القضايا والملفات التي يهتمون بها؟ وماذا يقولون عن أفاق المرحلة المقبلة؟

هناك عدة ملفات يركّز عليها هؤلاء الدبلوماسيون ومنها : المخاوف من عودة الحرب الأهلية وتدهور الاوضاع الأمنية في كل المناطق اللبنانية، مستقبل الوضع الإقتصادي والمالي ومدى جدوى الإجراءات المالية المتخذة ونتائج الحوار مع الصندوق الدولي وأبعاد الدعوة لخيار الإتجاه نحو الشرق وإمكانية التطبيق العملي لهذا الخيار، المخاطر الناتجة عن قرارات الحكومة الصهيونية بضم الضفة الغربية وغور الأردن وإنعكاس ذلك على الوضع في لبنان ودور المخيمات الفلسطينية في لبنان ، إحتمال حصول تصعيد العسكري على الجبهة الجنوبية وتطور الاوضاع نحو حرب عسكرية شاملة، نتائج تطبيق قانون قيصر على الاوضاع الإقتصادية والمالية والسياسية في لبنان وأي مستقبل ودور لحزب الله في لبنان.

ويبدي هؤلاء الدبلوماسيون العرب والغربيون مخاوفهم من تدهور الأوضاع الأمنية في لبنان وإنهيار الوضع السياسي والإقتصادي ، ويسألون عن مخاطر هذا الأنهيار وعمن هو المتضرر الأكبر من ، وما هو تأثير ذلك على حزب الله وبيئته او أن الإنهيار سيكون شاملا على الصعيد اللبناني والمخاطر الناتجة عن هذه التطورات الداخلية والخارجية ولا سيما إمكانية عودة انتشار المجموعات الإرهابية والمتطرفة وتحول لبنان الى ساحة للصراع مجددا؟.

ويسأل الدبلوماسيون عن دور الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية في كل هذه الأجواء ومدى القدرة على ضبط الأوضاع والسيطرة على الوضع الأمني ومنع الأنهيار الشامل او كيفية المساهمة في إنقاذ الوضع والأليات التي يمكن إتباعها من أجل الإنقاذ الأمني والإقتصادي.

افاق الوضع في المرحلة المقبلة

لكن الى اين تتجه الاوضاع في لبنان في المرحلة المقبلة على ضوء التحركات الدبلوماسية العربية والغربية؟

من خلال الإطلاع على أجواء التحركات واللقاءات الدبلوماسية في الايام الاخيرة يمكن الإستنتاج : أن البعثات الدبلوماسية العربية والغربية في بيروت متخوفة من التطورات المقبلة والإنعكاسات الخطيرة لما سيحصل سواء في الداخل اللبناني أو على صعيد المنطقة ، وهي تبحث عن مدى إمكانية المساهمة في التخفيف من هذه المخاطر إن من خلال تقديم مساعدات مالية وإنسانية سريعة وعدم إنتظار نتائج الحوار بين لبنان والصندوق الدولي ، او عبر القيام بمبادرات سياسية للتخفيف من المخاوف القادمة والعمل لمنع الإنهيار الشامل ، وفي حين يبحث بعض الدبلوماسيين امكانية تشكيل حكومة جديدة في حال استقالت حكومة الرئيس حسان دياب ، فان بعض الدول الأوروبية والعربية تدرس إمكانية القيام بمبادرات إنسانية عاجلة فلدعم لبنان واللبنانيين ومنع انتشار الجوع وازدياد مخاطر الازمة الاقتصادية والمعيشية.

وفي الخلاصة فإن المعطيات المتوفرة من أجواء الدبلوماسيين العرب والأجانب في بيروت تؤكد المخاطر المتزايدة على الوضع اللبناني وان هناك سيناريوهات خطيرة متوقعة في الأيام والأسابيع المقبلة ما لم يتم تدارك هذه المخاطر والقيام بمبادرات سياسية او مالية سريعة ، وكل ذلك يتطلب التحرك السريع من جميع القيادات والقوى السياسية والحزبية والدينية ، وقد تكون المواقف التي يطلقها الرئيس نبيه بري مؤخرا والتحركات التي يقوم رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط من إتصالات ولقاءات ومبادرات تصب في هذا الإتجاه ، كما ان اللقاءات التي اجراها رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب حول البحث عن خيارات جديدة لمعالجة الازمة عبر التوجه نحو الشرق ، اضافة للمواقف التي اطلقها بابا الفاتيكان لدعم لبنان وسوريا وغير ذلك من التحركات الداخلية والخارجية كلها تهدف لانقاذ لبنان من المخاطر القادمة.

فهل سيتمكن اللبنانيون من تجاوز هذه المخاطر الكبرى القادمة ؟ او ان ما كتب قد كتب وكلنا ذاهبون نحو الإنهيار والإنفجار الكبير والشامل؟