العدد 1482 /13-10-2021

يواجه الحزب التقدمي الاشتراكي ورئيسه الاستاذ وليد جنبلاط تحديات عديدة في المرحلة المقبلة بعد أن نجحا في حماية الوجود والصمود والحفاظ على الاستقرار خلال السنتين الماضيتين ، ولا سيما منذ الحراك الشعبي في 17 تشرين الاول من العام 2019 والى اليوم ، وخصوصا في ظل الازمات الاقتصادية والمعيشية والصحية والتطورات الامنية الخطيرة التي حصلت خلال هذه الفترة، وبموازة المتغيرات الإقليمية والدولية.

فقد أتبّع رئيس الحزب وليد جنبلاط خلال السنتين الماضيتين سياسة الحياد الايجابي والحرص على وحدة الجبل والعمل لحماية الاستقرار الامني والسياسي وتأمين الحاجات الاساسية لابناء الجبل والمناطق التي له فيها نفوذ سياسي وشعبي .

لكن كيف سيواجه جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي الانتخابات النيابية المقبلة مع بقاء القانون الحالي والذي لم يكن راضيا عنه؟ وما هي الاستراتيجية المستقبلية للحزب في المرحلة المقبلة في مواجهة التطورات السياسية والمعيشية والمتغيرات الداخلية والخارجية؟

تحدي الانتخابات النيابية

بداية كيف ينظر الحزب التقدمي الاشتراكي ورئيسه وليد جنبلاط للانتخابات النيابية المقبلة وفقا للقانون الحالي ؟ وهل سيحافظ على كتلته النيابية الحالية؟

منذ اقرار القانون الانتخابي الحالي قبل اربع سنوات ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي يوجّه الانتقادات لهذا القانون وقد قبل به بعد وعود كثيرة تلقاها من الرئيس نبيه بري بدعمه في الانتخابات الماضية في بعض الدوائر ، وقد تجلى دعم الرئيس بري وحزب الله لجنبلاط في دائرة بيروت الثانية عبر ترك المقعد الدرزي لمرشح الحزب التقدمي الاشتراكي فيصل الصايغ، وكذلك عدم خوض معركة قاسية حول المقعد الثاني في الشوف من خلال عدم دعم الوزير السابق وئام وهاب مما ادى لسقوطه في مقابل نجاح مروان حمادة ، اضافة لابقاء الوزير انور الخليل على اللائحة المشتركة لحركة امل وحزب الله ، والمعروف ان الخليل علاقته جيدة مع جنبلاط رغم انتمائه لكتلة التنمية والتحرير .

وقد خسر اللقاء الديمقراطي بعض المقاعد في الشوف وعالية لكن حافظ على معظم المقاعد الدرزية باستثناء مقعدي طلال ارسلان وانور الخليل ، كما أدت الانتخابات الماضية الى انتقال النيابة الى تيمور جنلاط الذي ترأس اللقاء الديمقراطي مع دخول بعض الوجوه الجديدة للقاء ، واستمرار التحالف مع القوات اللبنانية وتيار المستقبل في الشوف.

لكن يبدو ان الحزب التقدمي الاشتراكي سيواجه في الانخابات النيابية المقبلة تنافسا قويا على المقعد الدرزي في بيروت ، اضافة لصراع قوي على المقعد الثاني في الشوف والذي اصبح شاغرا باستقالة النائب مروان حمادة، كما سيكون هناك معركة قوية في دائرة البقاع الغربي وراشيا في ظل الحملة القاسية على النائب وائل ابو فاعور ، واما بشأن المقاعد غير الدرزية في الشوف فستكون المعركة قاسية في مواجهة التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية ومجموعات المجتمع المدني ، ومن غير الواضح مدى استمرار التحالف مع تيار المستقبل.

وفي الخلاصة فان معركة الحزب التقدمي الاشتركي في الانتخابات المقبلة ستكون صعبة ، وسيكون التحدي الاساسي الحفاظ على الكتلة الحالية للقاء الديمقراطي والسعي لتحقيق بعض الخروقات في دوائر جديدة.

الاستراتيجية المستقبلية

لكن أية إستراتجية مستقبلية سيعتمدها الحزب التقدمي الاشتراكي ورئيسه وليد جنبلاط في المرحلة المقبلة لحماية الدور والموقع واعادة تفعيل دور الحزب السياسي والشعبي؟

منذ الحراك الشعبي في 17 تشرين الاول من العام 2019 ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط يحاول ملاقاة التحرك الشعبي ومجموعات المجتمع المدني في منتصف الطريق من خلال تبني مطالبهم في الاصلاح ومواجهة الفساد واستعداده للمحاسبة ، ولكنه في الوقت نفسه كان يشكك دوما بدور هذه المجموعات وتمويلها ، وعندما اشتدت الازمة الاقتصادية والمعيشية وفي ظل المخاوف من انفجار الوضع الامني ، اصبح هم جنبلاط الحفاظ على الاستقرار وتقديم المساعدات والخدمات والبحث عن التسويات سواء داخل الجبل او مع بقية القوى السياسية والحزبية.

ورغم الحجم الكبير من الانتقادات القاسية التي كان يوجهها جنبلاط وقياديو الحزب ونوابه ضد الرئيس ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وحزب الله ، فانه عاد وتراجع عن هذه الانتقادات واعلن الحاجة الى التسويات الداخلية واعطى الاولوية لتشكيل حكومة جديدة مع الدعوة للاصلاح السياسي والمالي والاقتصادي وخصوصا في قطاع الكهرباء، وقدم الحزب التقدمي الكثير من المشاريع والافكار الاصلاحية، لكن معظمها لم يجد طريقه للتنفيذ ، وحافظ جنبلاط على تحالفه وعلاقاته القوية مع الرئيس نبيه بري، مع تخفيف التوتر مع تيار المستقبل ، ومهادنة القوات اللبنانية وحزب الله.

واليوم سيكون التحدي الابرز امام الحزب التقدمي الاشتراكي والزعامة الجنبلاطية كيفية اعادة تعزيز الحضور السياسي والشعبي والحزبي من خلال تبني مشروع سياسي اصلاحي عابر للطوائف وعدم الاكتفاء بالزعامة الدرزية او الاكتفاء بالاهتمام بمناطق الجبل وحاصبيا وراشيا ، واعادة تفعيل الحضور في كافة المناطق اللبنانية والعودة للمشروع الوطني الاصلاحي والتغييري ، وتلك المهمة ليست سهلة في ظل الظروف الصعبة داخليا وخارجيا ، لكن بقاء الحزب وجنبلاط في حالة المراوحة سيؤدي الى تراجعات كبيرة وقد يساهم ذلك مستقبلا في انحسار الدور الجنبلاطي او الزعامة الجنبلاطية لصالح قوى جديدة سواء في الجبل او خارجه .

فهل ينجح وليد جنبلاط بتوريث الزعامة الجنبلاطية ورئاسة الحزب التقدمي الاشتراكي لنجله تيمور ام اننا سنكون امام واقع جديد سياسيا وحزبيا في مناطق الجبل ؟ وأية تحالفات سينسجها جنبلاط في الانتخابات المقبلة؟.

قاسم قصير