العدد 1537 /16-11-2022
قاسم قصير

عادت الدعوة الى عقد مؤتمر دولي لمعالجة الوضع اللبناني الى واجهة الاحداث بعد ان تبنّاها مجددا البطريرك الماروني مار بشارة الراعي كرد على الدعوات التي انطلقت مؤخرا لعقد حوار لبناني- لبناني للتوافق على الانتخابات الرئاسية ومعالجة الازمات اللبنانية.

وقد اعتبرت مصادر مقربة منالبطريرك الراعي ، ان القيادات اللبنانية فشلت في انتخاب رئيس جديد وانها غير قادرة على معالجة مختلف الازمات وان الحوارات الداخلية السابقة لم تحقق نتائج عملية ، ولذلك لا خيار امام اللبنانيين سوى اللجوء الى الامم المتحدة والقوى الدولية والاقليمية لعقد مؤتمر دولي حول لبنان وفرض الحلول على اللبنانيين .

وفي مقابل هذه الدعوة جدّدت اطراف لبنانية اخرى ومنها الرئيس نبيه بري وقيادة حزب الله والمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى والمفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان الدعوة الى حوار لبناني – لبناني والتوافق على انتخاب رئيس جديد.

فهل هناك امكانية لعقد مؤتمر دولي حول لبنان؟ وماذا عن الدعوات لحوار لبناني – لبناني جديد للوصول الى اتفاق حول الرئيس الجديد وعقد تسوية متكاملة حول المرحلة المقبلة؟

المؤتمر الدولي حول لبنان

بداية ما هي امكانية عقد مؤتمر دولي حول لبنان في المرحلة المقبلة؟ وهل يمكن ان تتجاوب الامم المتحدة او القوى الدولية والاقليمية لهذه الدعوات؟

من المعروف انه لا يمكن ان تبادر الامم المتحدة لعقد مؤتمر دولي حول بلد معين الا اذا طلبت سلطات البلد الرسمية عقد هذا المؤتمر وتمت الموافقة من قبل مؤسسات الامم المتحدة على هذا الطلب ، او قيام عدة دول في مجلس الامن او في الامم المتحدة بالدعوة لمناقشة اوضاع لبنان ووضع خارطة طريق للحل مع امكانية تطبيقها عمليا ، وهناك عدة مجموعات دولية تنشط من اجل لبنان ، كما ان فرنسا تولت سابقا الدعوة لعقد اكثر من مؤتمر دولي وعربي لدعم لبنان ، في حين ان مؤتمر الطائف الذي عقد عام 1989 لانهاء الحرب في لبنان وانجاز اتفاق الطائف حظي بدعم عربي ودولي وتولت السعودية احتضانه ، اما مؤتمر الدوحة في العام 2008 بعد الاحداث التي جرت في ايار من العام نفسه فتم بدعوة من قطر وبدعم تركي – ايراني وفرنسي وسوري وانتج اتفاق الدوحة.

اما اليوم فيبدو العالم مشغولا عن لبنان وهناك قضايا عديدة تشغل العالم اليوم حسب مصادر دبلوماسية مطلعة ، وهناك اتصالات فرنسية – سعودية حول لبنان، والفاتيكان مهتم بلبنان بالتعاون مع دول عربية وغربية ، لكن لا يبدو ان هناك امكانية حاليا لعقد مؤتمر دولي حول لبنان خصوصا ان الحكومة اللبنانية هي حكومة تصريف اعمال ومن الصعب توفر قرار لبناني داخلي لدعم هذه الدعوة .

الحوار اللبناني- اللبناني

لكن ماذا عن الحوار اللبناني – اللبناني ؟ وهل هناك جدوى من هذا الحوار؟

المتابع للواقع اللبناني اليوم يلحظ وجود عدة مبادرات حوارية في لبنان على عدة مستويات ، فقد اطلق النواب التغييريون مبادرة حوارية قبل الانتخابات الرئاسية لكنها لم تستكمل ، كما أطلق الرئيس نبيه بري دعوة للحوار ولكن لم يتم التجاوب معها ، وهناك عدة مؤسسات حوارية تنشط في مختلف المناطق اللبنانية لعقد لقاءات حوارية وتشكيل لوبي لبناني داعم للانقاذ وانتخاب رئيس جديد ووضع خارطة طريق انقاذية ، اضافة لقيام بعض المؤسسات الدولية بدعم الانشطة الحوارية في لبنان .

وقد جرى اطلاق العديد من الدعوات الحوارية ولم ينجح اللبنانيون في الوصول الى حلول عملية ، اضافة الى وجود اعتراض من بعض القوى اللبنانية على عقد اي حوار مباشر مع حزب الله بحجة فشل الحوارات السابقة ووجود السلاح ، كما فشلت عدة مبادرات ولجان حوارية خلال السنوات الماضية.

لكن رغم تعثر الحوار اللبناني- اللبناني ، وفشل الحوارات السابقة ، فان مصادر سياسية مطلّعة تؤكد انه لا خيار اليوم امام اللبنانيين سوى الحوار المباشر ، ولا يعني ذلك الجلوس على طاولة واحدة او عقد مؤتمر وطني للحوار ، بل يمكن ان تجري حوارات ثنائية بين القيادات والاحزاب اللبنانية ، كما انه يمكن للمرجعيات الدينية ان تتولى الدعوة لعقد طاولة للحوار او تقريب وجهات النظر ، وقد سبق لهذه المرجعيات ان لعبت دورا وطنيا وحواريا مهما في اصعب الظروف .

لبنان اليوم بحاجة لعمل متوصل من كل القيادات الدينية والسياسية والحزبية والوطنية، كما ان المطلوب تكثيف دور المؤسسات الحوارية في كافة الاتجاهات ، فالعالم مشغول بهمومه ولا خيار للبنانيين سوى الجلوس على طاولة واحدة للحوار ، وكما قال المثل العامي : ما بحك جلدك الا ضفرك، ولا خيار للبنان واللبنانيين سوى معالجة مشاكلهم بانفسهم والا سيواجه لبنان المزيد من الازمات وتطول فترة الفراغ الرئاسي والازمات المختلفة.

قاسم قصير