العدد 1424 / 12-8-2020
بسام غنوم

شكلت كارثة انفجار 4 آب في بيروت محطة اساسية في التحويلات السياسية الجارية على الساحة اللبنانية ، وذلك اولا بسبب حجم الخسائر البشرية والمادية التي اصابت اللبنانيين والعاصمة بيروت ، وثانيا بسبب عودة الناس الى الشارع كما جرى في انتفاضة 17 تشرين اول 2019 ، وثالثا نتيجة الضغوط الدولية والعربية على لبنان ولا سيما الموقف الفرنسي الذي عبر عنه الرئيس ماكرون من قلب بيروت والذي اعتبر فيه أنه من دون الاصلاحات سيتجه لبنان الى الانهيار، واعطى الطبقة السياسية الحاكمة مهلة حتى اخر الشهر الجاري من أجل القيام بما هو متوجب عليها .

لذلك في ضوء كل هذه المعطيات، يمكن فهم استقالة حكومة الرئيس حسان دياب التي كانت مجرد واجهة لا اكثر ولا اقل للتيار الوطني الحر وللثنائي الشيعي، والتي اوصلت لبنان رغم عمرها القصير الذي لم يتجاوز الثمانية اشهر الى الانهيار الاقتصادي الشامل ، والى الانهيار الامني بسبب الفساد المتجسد في ادارات الدولة وهو ما ادى الى انفجار 4 آب في مرفأ بيروت مما تسبب بدمار كبير في العاصمة بيروت .

والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل الانهيارات السياسية والاقتصادية والامنية التي يعيشها بنان هو : ما هو الحل المطلوب للخروج من مسلسل الازمات التي يعيشها لبنان واللبنانيون في هذه الايام ؟

في البداية لابد من التوقف اولا عند استقالة الرئيس حسان دياب وما اعلنه في خطاب استقالته عن منظومة الفساد المتحكمة في الدولة "وان منظومة الفساد المتجذرة التي اكتشفت انها اكبر من الدولة التي لا تستطيع التخلص منها" ، ويكشف هذا الموقف للرئيس دياب والذي سبقه قبل ذلك موقفا تحدت فيه عن غياب القضاء والاجهزة الامنية في مناطق معينة وتحركها بقوة في مناطق اخرى عن الاسباب التي ادت لى كارثة انفجار 4 آب في بيروت حيث ان الفريق الحاكم لا يريد دولة فعلية انما يريد دولة شكلية يمارس من خلالها فساده الامني والسياسي والطائفي وهو ما ادى بوصول الامور الى ماوصلت اليه ، واذا كان الرئيس دياب قد كشف للبنانيين في خطاب استقالته عن حجم "منظومة الفساد المتجذرة" في الدولة فان ذلك لا يعفيه من المسؤولية/ لانه قبل ان يكون مجرد صورة يختبئ وراءها التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي وهذه اكبر جريمة بحق لبنان الوطن القائم على الوحدة الوطنية والعيش المشترك .

واذا كان الرئيس حسان دياب مسؤولا وحكومته والفريق الحاكم عما جرى ، فان الفريق الذي قبل لاكثر من ثلاث سنوات تشكيل حكومة التسوية السياسية مع التيار الوطني الحر و "حزب الله" وحركة امل، ولمؤلف من تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية برئاسة الرئيس سعد الحريري مسؤول مسؤولية مباشرة عن الانهيارات السياسية والاقتصادية التي يعيشها لبنان في هذه الايام ، ولا ننسى ان انتفاضة 17 تشرين اول 2019 التي انزلت اكثرية الشعب اللبناني الى الشارع، هي التي اسقطت حكومة التسوية السياسية برئاسة سعد الحريري، وهذه الحكومة كانت تغطي الفساد في الدولة وافلست لبنان واللبنانيين بسبب سياستها الاقتصادية وتسوياتها السياسية، ولذلك كان شعار اللبنانيين في انتفاضة 17 تشرين اول 2019 وبعد انفجار بيروت في 4 آب 2020 "كلن يعني كلن" ، فالمسؤول عن مئاسي اللبناني اليوم والذي اوصل الاوضاع الى ماهي عليه هو كل هذه الطبقة السياسية الفاسدة .

والسؤال الآن بعد كل ما جرى ما هو الحل المطلوب للخروج من الازمات التي يعيشها اللبنانيون ؟

الحل هو في تشكيل حكومة وحدة وطنية بتوافق دولي وعربي لا تكون قائمة على التسويات السياسية مثل حكومة سعد الحريري ، ولا على الهيمنة السياسية مثل حكومة حسان دياب ، وهذا الحل كما هو متداول تعمل عليه الدول الكبرى ، وتتولاه فرنسا بصورة مباشرة وباشراف شخصي من الرئيس ماكرون الذي وضع خارطة طريق تبدأ اولا بتشكيل حكومة جديدة باسرع وقت ممكن ، وبتنفيذ اصلاحات سياسية واقتصادية تحمي لبنان من الانهيار .

فهل تنجح الحلول الدولية بانقاذ لبنان من الانهيار ام يستمر الفريق الحاكم بسياسة "دفن الرؤوس في الرمال" ؟ سؤال سوف تجيب عليه الايام القادمة .

بسام غنوم