العدد 1330 / 26-9-2018
قاسم قصير

تابعت الاوساط الدبلوماسية والسياسية والاعلامية في بيروت باهتمام كبير المعلومات التي كشفها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خلال ذكرى عاشوراء , عن حصول المقاومة الاسلامية على منظومات صاروخية جديدة ، كما لقيت هذه المعطيات متابعة شاملة من قبل المسؤولين في الكيان الصهيوني ووسائل الاعلام الاسرائيلية.

فما هي ابعاد ودلالات مواقف السيد نصر الله ؟ وماهي اسباب توقيت الكشف عن هذه المعلومات؟ وهل سيؤدي ذلك الى تصعيد الصراع بين قوى المقاومة والعدو الصهيوني في المرحلة المقبلة؟

ابعاد ودلالات المواقفنصر الله

بداية ماهي ابعاد ودلالات المواقف التي اطلقها السيد حسن نصر الله حول منظومات الصواريخ الجديدة؟ ولماذا اختيار هذا التوقيت للاعلان عنها ؟

من المعروف ان حزب الله والمقاومة الاسلامية يحرصان عادة على عدم الكشف عن اية معلومات مهمة وجديدة حول طبيعة الاسلحة التي يحصلان عليها , وخصوصاﹰ تلك المتعلقة بالصراع مع العدو الصهيوني ، وكان يتم الاشارة احيانا الى وجود مفاجأت جديدة دون تحديد طبيعة هذه المفاجآت.

لكن قد تكون المرة الاولى التي يعلن فيه السيد نصر الله عن وصول الاسلحة الكاسرة للتوزان مع الجيش الاسرائيلي ، وهذه الاسلحة عبارة عن صواريخ دقيقة تصل الى عمق الكيان الصهيوني وهي تختلف عن منظومات الصواريخ التي كانت لدى المقاومة الاسلامية .

وقد عمد العدوّ الصهيوني طيلة السنوات التي تلت حرب تموز 2006 للعمل بكل الامكانيات لمنع وصول هذه الصواريخ الى الحزب ، ولا سيما بعد الاحداث السورية ومشاركة الحزب في هذه الحرب واقامته لقواعد عسكرية خاصة داخل الاراضي السورية وتحول سوريا الى ممر مفتوح لوصول الاسلحة للحزب.

ونفذ سلاح الجو الاسرائيلي طيلة السنوات الماضية عشرات الغارات على الاراضي السورية والمطارات والقواعد العسكرية وبعض المصانع تحت عنوان : منع وصول الاسلحة لحزب الله او منع تغيير مسار الاحداث في سوريا.

وكانت اخر هذه الغارات في الاسبوعين الماضيين ، وكان المسؤولون الصهاينة يتبجحون بتنفيذ هذه الغارات وانهم حققوا الاهداف المطلوبة منها ، ولذا جاء اعلان السيد نصر الله عن امتلاك الصواريخ الدقيقة بان الامر قد تم ، رسالة مباشرة للعدو الصهيوني بان كل الغارات لم تحقق اهدافها ، واننا اليوم اصبحنا امام توزان جديد في الصراع بين المقاومة والعدو الصهيوني.

افق الصراع مع العدو

لكن الى اين يتجه الصراع بين المقاومة الاسلامية والعدو الصهيوني؟ وهل سنكون امام حرب جديدة ؟ وفي اي جبهة ستنطلق هذه الحرب؟

بعد حرب تموز 2006 وصدور القرار 1701 لم تشهد الجبهة اللبنانية عمليات عسكرية كبيرة بين المقاومة الاسلامية والعدو الصهيوني ، وحصلت بعض العمليات المحدودة حيث كانت المقاومة تنفذ بعض العمليات رداﹰ على انتهاكات العدو الصهيوني للاراضي اللبنانية , او انتقاما لاستهداف بعض قادة وكوادر المقاومة في لبنان وسوريا ، وانتقل الصراع الى الجبهة السورية حيث زاد الجيش الاسرائيلي، وخصوصا عبر سلاح الجو، من حجم العمليات ضد الاراضي السورية، وبالمقابل قام الجيش السوري وبدعم من حلفائه من حزب الله وايران وروسيا بالرد على هذه العمليات ، اما من خلال اطلاق الصواريخ على الكيان الصهيوني او ارسال طائرات بدون طيار ، او من خلال اسقاط احدى الطائرات الحربية الصهيونية.

لكن رغم كل اجواء التصعيد التي شهدناها على الجبهة السورية ، وبعض العمليات المحدودة عبر الحدود اللبنانية، فان المواجهات لم تتحول الى حرب عسكرية شاملة ومفتوحة ، وكان هناك حرص من جميع الاطراف على استيعاب التصعيد ضمن حدود معينة.وكان كل طرف يسعى لابقاء زمام المبادرة بيده او فرض قواعد جديدة للصراع.

لكن يبدو اليوم ان تحول العمليات والمواجهات المحدودة الى حرب شاملة في المنطقة ولا سيما عبر الجبهة السورية اصبح اقوى وخصوصا في ظل استهداف ايران بالعقوبات والعمليات العسكرية وبعد اسقاط الطائرة الروسية مؤخرا ، من هنا جاءت مواقف السيد نصر الله الاخيرة لتوجيه انذار قوي للاميركيين والاسرائيليين بان تحويل العمليات المحدودة الى صراع شامل سيؤدي الى تغيير كل معادلات الصراع , وان امتلاك المقاومة الاسلامية لمنظومات صاروخية دقيقة سيكون له تداعيات كبرى مستقبلاﹰ .

اذن , التصعيد مستمر, والاوضاع مفتوحة على كل الاحتمالات ، وان كانت الاطراف الكبرى ولا سيما روسيا واميركا تتجنباندفع الاوضاع نحو حرب شاملة ، لكن استمرار التصعيد في كل الاتجاهات قد يضعف القدرة على ضبط الوضع , مما يفتح الباب امام حصول حرب جديدة لا احد يستطيع تحديد مداها.

قاسم قصير