العدد 1347 / 30-1-2019
بسام غنوم

عادت الأزمة الحكومية تراوح مكانها رغم الاتصالات واللقاءات التي جرت في العاصمة الفرنسية باريس بين الرئيس سعد الحريري ورئيس "تكتل لبنان القوي" جبران باسيل ، وكذلك مع رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع .

الا أنه رغم هذه اللقاءات لتي جرت في باريس والتي كان يعوّل عليها اللبنانيون والوسط السياسي كثيراﹰ لأنها تجري في أجواء هادئة بعيداﹰ عن صخب الساحة اللبنانية الا أن ما تكشف من هذه اللقاءات هو استقرار الوزير جبران باسيل في موقفه المتصلب لناحية اصراره على أن تكون الحصة الوزارية المشتركة للرئيس عون ولتكتل لبنان القوي هي احد عشر "وزيراﹰ اي انه مازال متمسكا ﹰ ﺑ "الثلث المعطل" في الحكومة ولم يبد تراجعاﹰ عن هذا الموقف ، والأخطر من ذلك كله هو حديث أوساط التيار الوطني الحرّ عن "حرب كونية" على العهد والرئيس عون في ما يتعلق بحصة الرئيس عون في ما يتعلق بحصة الرئيس الوزارية ، وقد أدت هذه المواق التي يبيها الوزير جبران باسيل وأعضاء التيار الوطني الحرّ الى تراجع أجواء التفاؤل بقرب ولادة الحكومة بشكل كبير، وسادت أجواء شبيهة بالفترة الأولى التي تلت تكليف الرئيس سعد الحريري لناحية العقد السياسية والوزارية ، وهو ما يضع الأمور في خانة التصعيد ما اشارت اليه أوساط الرئيس الحريري بالقول : "اننا في ربع ساعة الأخير في الملف الحكومي واذا لم تشكل الحكومة فنحن نتحدث عن مشهد آخر" .

فهل يكون هذا الأسبوع هو اسبوع الحسم الحكومي كما أعلن الرئيس سعد الحريري أم هو مجرد اعلان لحثّ الاطراف السياسية الفاعلة في البلد على حسم امورها وتسهيل ولادة الحكومة العتيدة ؟

البداية أولاﹰ من موقف الرئيس المكلف سعد الحريري ، الذي يبدو انه ضاق ذرعاﹰ بكل المماحكات الجارية في الملف الحكومي بعد تسعة أشهر من التكليف .

ويبدو ان الخلافات التي لا تنتهي حول الملف الحكومي قد استهلكت الرئيس سعد الحريري ، الذي لم يعد قادراﹰ على الاستمرار في حالة المراوحة بالملف الحكومي الى ما شاء الله .

فالرئيس الحريري قدم تنازلات كثيرة للوزير جبران باسيل وللتيار الوطني الحر في الحقائب الوزارية على حساب حلفائه السياسيين سمير جعجع ووليد جنبلاط ، سواء لناحية الضغوط التي مارسها عليهم لقبول حقائب وزارية بدلاﹰ من حقائب كانوا يطالبون بها ، او لناحية تسهيل مهمة الرئيس المكلف سياسياﹰ واعلامياﹰ اكراماﹰ لعيون الوزير جبران باسيل الذي قابل موقف الرئيس سعد الحريري بمطالب جديدة اهمها مطلب "الثلث المعطل" في الحكومة على اعتبار ان حصول التيار الوطني الحر على هذا المطلب يعوض ما خسره موقع رئاسة الجمهورية من سلطات في اتفاق الطائف ، وقد اعلن عن هذا الموقف الوزير جبران باسيل بكل صراحة ، فقال "شو بنعمل اذا اعطتنا نتائج الانتخابات النيابية هذه النتيجة " .

ويكشف هذا الموقف للوزير جبران باسيل السبب الحقيقي للعرقلة القائمة في الملف الحكومي من قبل التيار الوطني الحر ، والذي يستفيد أيضاﹰ من عقدة تمثيل اللقاء التشاوري في الحكومة التي يتمسك بها "حزب الله" ، والتي اعاد امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله التأكيد عليها في مقابلته التلفزيونية على قناة الميادين فقال : "هناك مساع جدية لتشكيل الحكومة ، وهناك عقدتان لازالتا موجودتين هما الوزير عن اللقاء التشاوري وتوزيع الحقائب" .

والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل استمرار حالة الانسداد في الملف الحكومي ، ماهي خيارات الرئيس المكلف لحسم الأمور هذا الاسبوع كما قال ؟

هناك قراءتان في هذا الموضوع ، القراءة الاولى تقول ان الرئيس الحريري اطلق موقفه لناحية الحسم في هذا الاسبوع من أجل حثّ الأطراف على تسهيل تشكيل الحكومة ، وانه ليس بوارد التخلي عن التكليف وموقفه الجديد يشبه مواقف سابقة اطلقها عن قرب ولادة الحكومة قبل عيد الفطر او عيدي الميلاد ورأس السنة ، ورغم ذلك استمرت الأمور على حالها .

اما القراءة الثانية التي تتحدث عنها أوساط تيار المستقبل ، فتقول ان "هذا الاسبوع سيكون حاسما في ما خص التأليف، وجولة أخيرة من المشاورات تحصل ... الحريري يأمل أن يكون الحسم ايجابياﹰ .

وعن الخيارات البديلة في حال استمرت الأمور على ماهي عليه من التعقيد فتعول اوساط تيار المستقبل على ان الرئيس الحريري ابقاها لنفسه ، وهو ينتظر الاتصالات الجارية حالياﹰ حتى يبني على الشيء مقتضاه.

فهل نشهد هذا الاسبوع بداية النهاية لمسلسل الأزمة الحكومية ، أم تستمر الأمور على ماهي عليه ؟

بسام غنوم