العدد 1409 / 15-4-2020

لم تحجب ازمة وباء كورونا التي تشغل بال اللبنانيين والعالم عن الازمة المالية والاقتصادية التي يعيشها لبنان في هذه الايام خصوصا وان انتشار الفيروس في لبنان دفع الدولة الى اعلان التعبئة العامة منذ ما يقارب الشهر , وهو ما ادى الى زيادة الوضع الاقتصاديصعوبة . والى ارتفاع حالة الفقر والعوز بين اللبنانيين الذين وجدوا انفسهم بين مطرقة وباء الكورونا وسندات فقدان الوظائف والمدخرات نتيجة تفاقم الازمة المالية والاقتصادية التي يمر بها لبنان .

واذا كان يسجل لحكومة الرئيس حسان دياب دورها الفاعل في اتخاذ الاجراءات اللازمة لكبح فيروس كورونا من الانتشار في لبنان , وهو ما دفع بالاف اللبنانيين في الخارج الى المطالبة بالعودة الى لبنان لحماية انفسهم من وباء كورونا, الذي ينتشر في مختلف بلدان العالم , فان معالجة الحكومة اللازمة المالية والاقتصادية يثير التساؤلات ويثبت الرعب في صفوف اللبنانيين المودعين اموالهم في المصارف , حيث جرى تسريب اخبار عن نية الحكومة فرض ما يسمى "hair cut" على الودائع في المصارف , وهو ما يعني اقتطاع جزء من اموال المودعين من اجل تغطية العجز المالي في الدولة , وهو ما اثار ردود فعل رافضة ومستنكرة من قبل مختلف القوى السياسية وكذلك من عامة اللبنانيين الذي ستطالهم هذه الاجراءات , وهو ما دفع بالرئيس سعد الحريري الى القول ان الحكومة "تتجه الى خطة انتحار اقتصادي , مبنية على مصادرة اموال اللبنانيين المودعة في المصارف" .

والسؤال الذي يطرح نفسه هو : لماذا تبدو الحكومة مرتبكة وعاجزة في معالجة الشأنين المالي والاقتصادي فيما تحقق النجاح المطلوب في مواجهة انتشار وباء كورونا في لبنان ؟

للاجابة على هذا السؤال لابد من العودة اولا الى ظروف ولادة حكومة الرئيس دياب , فهذه الحكومة ولدت في ظل انتفاضة الشعب اللبنانيين في 17 تشرين اول 2019 والتي رفعت شعار محاربة الفساد والفاسدين وطالبت باسقاط الطبقة السياسية بمجملها باعتبارخا مسؤولة مباشرة عن حالة الانهيار الاقتصادي الذي يعيشه لبنان , وكان شعار الانتفاضة الشعبية في 17 تشرين اول 2019 "كلن يعني كلن" .

لكن بعد استقالة الرئيس الحريري من رئاسة الحكومة استجابة لمطالب اللبنانيين – كما قال- عملت بعض القوى السياسية ولاسيما التيار الوطني الحر و "حزب الله" وحركة امل على ضرب انتفاضة الشعب اللبناني , وشكلت حكومة جديدة برئاسة الرئيس حسان دياب , قيل انها مؤلفة من اختصاصيين مستقلين , وهو ما كذبته الوقائع بعد فشل التعينات القضائية , والخلاف بين اهل الحكم حول تعيين نواب حاكم مصرف لبنان وهيئة الاشراف على المصارف والاسواق المالية . وثارت اخيرا قضية بعض التعيينات في الفئة الاولى حيث اعتبرت الطائفة الارثوذكسية انها مستهدفة بهذه التعينات وهو ما قد يعيق اقرارها .

هذا الجو الذي تعيشه الحكومة وتعمل في ظله يترك اثره على عملها ومعالجتها للشأن الاقتصادي والمالي , فهناك حسابات خاصة للقوى المشاركة في الحكومة حيث تعطلت تعيينات مصرف لبنان بسبب الخلاف حولها بين التيار الوطني الحر وتيار المردة , وكذلك الامر في التعيينات القضائية والادارية , وفي الشأن المالي كانت الحكومة تنوي فرض خطة "الكابيتال كونترول" على اموال المودعين الا ان هذا الامر فشل بسبب رفض الرئيس بري والحال نفسه ينسحب ايضا على خطوة ال "HAIR CUT" التي يرفضها الرئيس بري واكثر القوى السياسية , ولذلك تبدو الحكومة عاجزة عن تحقيق انجاز ما على الصعيد المالي والاقتصادي بسبب تضارب المصالح بين القوى المشاركة في الحكومة اولا , وبسبب تردي اوضاع عامة اللبنانيين ثانيا .

واما النجاح الذي تحققه الحكومة فيما يتعلق بفيروس كورونا فهو بسبب خوف المسؤولين على صحتهم اولا , ولمحاولة استغلال النجاح في وقف انتشار فيروس كورونا في تغطية فسادهم الذي ايزكم الانوف في زمن الكورونا ثانيا .

باختصار , لبنان واللبنانيين في زمن كورونا رهائن الطبقة السياسية الفاسدة التي تحاول استغلال انتشار الكورونا من اجل الاستمرار في فسادها وتدمير مستقبل لبنان واللبنانيين . فهل سيسمح لها الشعب اللبناني بذلك ؟

بسام غنوم