العدد 1388 / 27-11-2019

لم يكن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ومسؤولو الحزب يتوقعون حصول الحراك الشعبي بهذه القوة والحيوية، وكانوا يعيشون حالة من عدم الارتياح للواقع السياسي اللبناني بسبب سياسات العهد ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل وحليفه حزب الله، وكان التركيز على كيفية حماية الدور والوجود ومعالجة هموم الانصار والحزبيين وابناء الجبل، لكن اندلاع الحراك الشعبي في 17 تشرين الاول فاجأ جنبلاط وقيادة الحزب ووضعه امام خيارات صعبة ودقيقة، فاما الالتحاق بالحراك والاستقالة من الحكومة ؟ واما الحفاظ على موقع وسطي وابقاء التحالف مع الرئيس سعد الحريري وعدم الصدام مع حزب الله؟ او الذهاب الى خيارات اخرى تصعيدية؟

فكيف تعاطى جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي مع الحراك الشعبي؟ ولماذا اعلن جنبلاط نهاية اتفاق الطائف ؟ وماذا عن الاعلان المستمر عن الحاجة لمراجعة شاملة داخل الحزب وعلى صعيد سياساته ودوره في المرحلة المقبلة؟

جنبلاط والحراك الشعبي

قبل اسبوع من اندلاع الحراك الشعبي وفي لقاء خاص بين الاستاذ وليد جنبلاط وعدد من قيادات الحزب التقدمي الاشتراكي ووفد من منتدى الحوار الثقافي من الضاحية الجنوبية ، تحدث جنلاط عن استيائه وانزعاجه الشديد من الواقع السياسي اللبناني والخوف من انهيار الوضع الاقتصادي والمالي واحباطه من كل القوى السياسية اللبنانية وعدم الرهان على امكانية اصلاح النظام اللبناني الطائفي ، ولذا عندما اندلع الحراك الشعبي بهذه القوة والحيوية كان جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي في حالة ارباك وحيرة .

وكان امام الحزب عدة خيارات ومنها : الاستقالة الفورية من الحكومة كما فعلت القوات اللبنانية وهذا الخيار لم يحصل ، ربط القرار بالاستقالة بقرار الرئيس سعد الحريري والدفع باتجاه اجراء اصلاحات اقتصادية ومالية وسياسية سريعة، السعي للتفاعل مع الحراك الشعبي دون اعلان الانضمام الرسمي له.

ولكن بعد تفاعل الاحداث ورفض الحراك الشعبي للورقة الاصلاحية التي اقرتها الحكومة واستقالة الرئيس سعد الحريري وجد جنبلاط والحزب التقدمي انفسهم امام خيار وحيد هو الالتحاق العملي بالحراك الشعبي وتبني مطالبه دون الاعلان الرسمي عن ذلك ، وفي الوقت نفسه ابقاء خطوط التواصل مع الرئيس نبيه بري وقيادة حزب الله لمنع التوتر على طريقي الجنوب والبقاع والعمل لمحاصرة اية مشكلات امنية او شعبية.

وبعد مرور اكثر من شهر ونصف على الحراك الشعبي كان واضحا تبني جنبلاط غير المعلن للحراك والدعوة لاجراء مراجعة داخلية في الحزب ، لكن الموقف الاخطر كان الاعلان عن سقوط اتفاق الطائف والدعوة لوضع قانون جديد للانتخابات واجراء انتخابات مبكرة.

الى اين تتجه الاوضاع؟

لكن الى اين تتجه الاوضاع حسب وجهة نظر الاستاذ وليد جنبلاط ومسؤولي الحزب التقدمي الاشتراكي؟ وما هي الخيارات المستقبلية؟

في حوار لجنبلاط مع قناة ال ام تي في التفلزيونية اعلن نهاية العهد كله وكذلك اتفاق الطائف كاشفا نية الحزب التقدمي عدم الاشتراك في الحكومة التي يتم تشكيلها ومعتبرا ان الاولوية لاجراء مراجعة داخلية وورشة تنظيمية وسياسية داخل الحزب التقدمي الاشتراكي .

وحول طبيعة هذه الورشة قال مسؤول الاعلام في الحزب رامي الريس خلال لقاء حزبي : ان المطلوب من كل الاحزاب السياسية اجراء تقييم للتطورات التي حصلت منذ 17 تشرين الاول الماضي وبناء خطاب سياسي جديد يواكب التحولات وان الحزب التقدمي يقوم حاليا بعملية نقد ذاتي داخلية.

واكد الريس ما قاله جنبلاط حول الحاجة الى نظام سياسي جديد بعد فشل اتفاق الطائف وعدم استكمال تطبيقه وتجاوز رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لصلاحياته في تشكيل الحكومة وعدم اجراء الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس الحكومة.

على ضوء كل ذلك يبدو الاستاذ وليد جنبلاط وقيادة الحزب التقدمي الاشتراكي في مرحلة جديدة بعد الحراك الشعبي ، وان كان الاعلان عن انتهاء اتفاق الطائف سابقا لاوانه ، لان المطلوب اليوم هو استكمال تطبيق الاتفاق عبر تشكيل الهيئة الخاصة بالغاء الطائفية السياسية ووضع قانون جديد للانتخابات على اساس غير طائفي وتشكيل مجلس شيوخ واقرار اللامركزية الادارية واستقلالية السلطة القضائية.

واذا كان لدى جنبلاط والحزب التقدمي رؤية جديدة للنظام السياسي الجديد فالمطلوب طرحها للنقاش والحوار بموازة العمل للاسراع بتشكيل حكومة جديدة ومعالجة الاوضاع الامنية والاقتصادية والمالية ، لان ما يجري من احداث قد يؤدي لانهيار البلد كله ، فهل جنبلاط يعتبر ان كل النظام انتهى وعلينا بناؤه من جديد؟ او ان هناك امل بانقاذ الوضع قبل فوات الاوان؟

قاسم قصير