العدد 1688 /5-11-2025
مطلع الأسبوع
الماضي، أعلنت قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) إسقاط طائرة مسيّرة
إسرائيلية حلّقت فوق بلدة كفركلا مقابل مستوطنة المطلة الواقعة على الحدود
الشمالية لفلسطين المحتلة. من أسقط المسيّرة الإسرائيلية كان جنود القوّة الفرنسية
في "يونيفيل"، وعقب ذلك أعلنت الأخيرة أن المسيّرة العسكرية الإسرائيلية
ألقت قنبلة متفجرة نحو قوات حفظ السلام، فضلاً عن إطلاق قذائف مدفعية باتجاه
القوات ذاتها. في المقابل، نفى متحدث باسم جيش الاحتلال الأمر، زاعماً أن المسيَّرة
كانت تحلّق "خلال نشاط روتيني لجمع المعلومات والاستطلاع، حيث تبين من
التحقيق الأولي أن قوات يونيفيل التي كانت بالقرب من المكان أطلقت النار عمداً نحو
الدرون، وذلك رغم عدم تشكيلها أي تهديد عليها".
الحادثة المذكورة
اعتبرها موقع "واينت" مجرد قمة جبل الجليد في الاتجاه المقلق بالنسبة
إلى إسرائيل، بعد سنوات مما وصفه بـ"تغاضي" يونيفيل عن تمركز حزب الله
جنوباً. ما سبق، دفع المسؤولين الإسرائيليين إلى التعبير في محادثات مغلقة عن
إحباطهم المتزايد مما يصفونه برفع بعض قوات الأمم المتحدة القيود (عن حزب الله)؛
ذاهبين أبعد من ذلك، بزعمهم أن "بعض قوات الأمم المتحدة باتت تعمل ضد الجيش
الإسرائيلي، متجاوزة صلاحياتها".
وفي الإطار،
انتقد ضابط إسرائيلي كبير في القيادة الشمالية أداء "يونيفيل"، مدّعياً
أن القوات الدولية منشغلة في توثيق الانتهاكات الإسرائيلية وتسجيلها، وليس
"الخروقات" (من جانب حزب الله) في المناطق الحدودية التي تندرج ضمن
صلاحياتهم. وطبقاً لما نقله الموقع عن الضابط، فإن إسرائيل نقلت "رسائل قاسية
وواضحة" احتجاجاً على "أعمال يونيفيل غير المألوفة"، على اعتبار
أنهم ليسوا قوة مساعدة، بل قوة أجنبية "تقوم بأنشطة مريبة تتجاوز مهامها"،
على حد وصفه.
إسقاط المسيّرة
الإسرائيلية أتى في سياق التصعيد الإسرائيلي على لبنان، والضغوط الدولية المنامية
على حكومة الأخير لنزع سلاح الحزب، بعد نحو سنة من اتفاق وقف إطلاق النار، مع
العلم أن قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، التي يبلغ قوامها قرابة 13 ألف
جندي، تمركزت لأول مرة في جنوب لبنان عام 1978؛ وفي أغسطس/ آب الماضي مدّد مجلس
الأمن التابع للأمم المتحدة تفويضها في المنطقة حتى نهاية 2026، بحيث من المقرر أن
تنسحب من البلاد التي أنهكتها الحرب في 2027.
وتزعم إسرائيل،
وفق الموقع، أن اعتراض القوة الفرنسية للمسيّرة كان خارج صلاحيات الأخيرة. وحسب
ادعاء مسؤولين إسرائيليين "كاد الحدث أن يتدحرج إلى المطلة المجاورة ويعرّض
الإسرائيليين للخطر". وبحسب هؤلاء، فإن "هذه التصرفات جزء من اتجاه
أوسع؛ إذ إنه منذ تجديد تفويض "يونيفيل" هناك نشاط مفرط لبعض الكتائب
التي تحاول اكتساب خبرة عملياتية، وكثيراً ما تقترب من السياج وتعوق النشاط
العملياتي لجيش الاحتلال".
وفسرت إسرائيل
حادثة إسقاط الطائرة على أن "يونيفيل" تقوم بهذه الأفعال الاستثنائية
لكي تثبت لمجلس الأمن أن قوة حفظ السلام "كيان مسؤول، وبالتالي ثمة ما يبرر
عملياً تعديل القرار بشأن إغلاقها في نهاية العام المقبل". وقد أعربت
ألمانيا، حالها حال دول أوروبية أخرى، بالفعل عن تأييدها لتمديد تفويض القوة في
جنوب لبنان.
وفي الصدد، تدعي
إسرائيل أن عدوان جيشها خلال العامين الماضيين كشف مدى جاهزية حزب الله لتنفيذ
خططه للسيطرة على الجليل؛ حيث تبيّن لها أنه على مدار ما يقرب من عقدين، منحت
"يونيفيل" مظلّة حماية لتأسيس حزب الله الضخم شمال الحدود؛ حيث شُيّدت
وبُنيت بنى تحتية هائلة، ومستودعات ذخيرة، وأنفاق ونقاط مراقبة حفرت على مسافة
قريبة من مواقع قوة الأمم المتحدة وقواعدها، وفق زعمها، وذلك على الرغم من أنه كان
مفترضاً أن تطبق الأخيرة القرار 1701 ومنع السلاح غير الشرعي جنوب نهر الليطاني،
ليظهر، بحسب المزاعم الإسرائيلية، أن "جنود يونيفيل اختاروا التجاهل، ولم
يبلغوا، ولم يتصرفوا، وبهذا سمحوا لحزب الله بإكمال خطة السيطرة على الجليل تحت
أنظارهم".
إلى ذلك، قال
المبعوث الأميركي إلى سورية ولبنان، توماس براك، أمس في مؤتمر المنامة، إن لحزب
الله ما يقرب من 40 ألف مسلح، إلى جانب بين 15 و20 ألف صاروخ وقذيفة. وحذر من أنه
"لا وقت لنضيعه". وحث قيادة لبنان على "التحرك بسرعة أكبر"
لتفكيك سلاح حزب الله، قائلاً إن "آلاف الصواريخ لا تزال تهدد إسرائيل وقد
تردّ (الأخيرة)".
وكانت قوات
يونيفيل قد أعلنت الأحد الماضي إسقاط مسيَّرة إسرائيلية عقب تحليقها فوق دورية
تابعة لها قرب بلدة كفركلا جنوبي لبنان. وقالت في بيان إن "الأفعال التي قام
بها الجيش الإسرائيلي تشكل انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 وسيادة لبنان،
وتُظهر استخفافاً بسلامة جنود حفظ السلام وأمنهم، الذين يُنفّذون المهام التي
كلفهم بها مجلس الأمن". يأتي ذلك فيما تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي يومياً
خرق وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، زاعمة
مهاجمة عناصر ومواقع لحزب الله في الأراضي اللبنانية، فضلاً عن استمرارها احتلال
خمس نقاط في جنوب لبنان.