العدد 1683 /1-10-2025

  في خضم التهديدات الأسرائيلية بشن حرب مدمرة على لبنان مجددا بذريعة نزع سلاح حزب الله ، وذلك بعد الوصول الى إتفاق أو تسوية بشأن الوضع في غزة ، برزت على الساحة اللبنانية "أزمة الروشة"، وهي عبارة عن خلاف مستجد بين الحكومة اللبنانية وحزب الله بعد قرار سحب سلاح حزب الله الذي اتخذته الحكومة قبل حوالي الشهرين ، والذي وجه برفض من قبل حزب الله الذي أعتبر قرار الحكومة بنزع سلاحه بمثابة محاولة للقضاء على المقاومة في لبنان ، وعلق أمين عام حزب الله الشيخ نعيم  قاسم على قرار الحكومة حينها بالقول أن "المقاومة ليست بندًا تفاوضيا أو موضوعا للتصويت، بل هي جزء من معادلة اتفاق الطائف ومكوّن من مكوّنات السيادة الوطنية".

  واليوم وبمناسبة الذكري السنوية الأولى لإغتيال السيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين على يد العدو الصهيوني ، عاد الخلاف مجددا حول موضوع سلاح حزب الله تحت عنوان " أزمة الروشة " ، وأتخذ طابعا سياسيا حادا حيث أصر حزب الله على تحدي قرار رئيس الحكومة بمنع الأحتفال بإضاءة صورة الأمين العام السابق لحزب الله السيد حسن نصر الله على صخرة الروشة بواسطة الليزر ، وقام حزب الله بإحتفالية كبيرة في منطقة الروشة ووضع صورة السيد حسن نصر الله على صخرة الروشة رغم قرار رئيس الحكومة بمنع ذلك.

هذه الخطوة التي قام بها حزب الله والمتمثلة بتحدي قرار رئيس الجكومة تركت تداعيت كثيرة على الساحة اللبنانية على الصعيدين السياسي والأمني ، وكذلك على الصعيد الشعبي.

فعلى الصعيد السياسي أعتبر كسر حزب الله  لقرار رئيس الحكومة بمثابة كسر لهيبة الدولة اللبنانية ، وقال رئيس الحكومة نواف سلام " إن هذا يشكل انقلابا على الالتزامات الصريحة للجهة المنظمة وداعميها، ويعتبر سقطة جديدة لها تنعكس سلباً على مصداقيتها في التعاطي مع منطق الدولة ومؤسساتها. هذا التصرف المستنكر لن يثنينا عن قرار اعادة بناء دولة القانون والمؤسسات بل يزيدنا اصراراً على تحقيق هذا الواجب الوطني".

وذكرت معلومات أن الهدف من كسر قرار رئيس الحكومة نواف سلام من قبل حزب الله هو لإجباره على الاستقالة من رئاسة الحكومة ، وإبقاء موقع الرئاسة الثالثة شاغرا  ، مما دفع جهات عربية ودولية الى التدخل والطلب من الرئيس سلام البقاء في منصبه وعدم الاستقالة أو الإعتكاف.

      أما على الصعيد الأمني فالقضية أخذت أبعادا أكثر خطورة ، فالرئيس نواف سلام سأل عن الأجهزة الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي التي كان من المفترض أن تحافظ على تطبيق قرار رئيس الحكومة والمحافظة على أمن الاحتفال ، وقال للمسؤولين الأمنيين "ما شفنا حدا" ، وهو ما اثار خلافا بين رئيس الحكومة وقادة الأجهزة الأمنية ، حيث تحدثت أخبار عن أن قادة الأجهزة الأمنية تلقوا أوامر من الرئيس جوزاف عون الموجود في نيويورك بخلاف ما طلبه الرئيس نواف سلام منهم ، وهو ما نفاه وزير الداخلية أحمد الحجار فقال: «أنا ومدير قوى الأمن مرجعيتنا الدولة، ونتصرّف على هذا الاساس، وكل المواقع لها كرامتها، والذي يعيّن المدراء العامين هو مجلس الوزراء مجتمعا، وعند تسلّم المراكز تصبح المرجعية للقوانين والأنظمة فقط لا غير».

        وعلى الصعيد الوطني و الشعبي فقد أثار تحدي كسر قرار رئيس الحكومة حساسيات طائفية ومذهبية ، خصوصا بعد هتافات " شيعة شيعة شيعة " ، التي رافقت الاحتفال بالروشة من قبل مناصري حزب الله.

          وأما على الصعيدين العربي والدولي فإن ما جرى في الروشة أعطى انطباعا سلبيا عن الوضع في لبنان ، وخصوصا عن قدرة الحكومة على تنفيذ قرار سحب سلاح حزب الله ، وهو ما سينعكس على مجمل الوضع السياسي وعلى إمكانية إعطاء مساعدات للبنان.

        بالخلاصة ما جرى في إحتفال الروشة ليس مجرد زوبعة في فنجان ، وسيكون له تداعيات سياسية وأمنية على الصعيد الوطني العام وأيضا على الصعيدين العربي والدولي ، وقد يدفع لبنان غاليا ثمن التهور السياسي الجاري حاليا.

بسام غنوم