العدد 1455 /31-3-2021

الشيخ محمد أحمد حمود

يرافق كل واحد منّا في حياته أناس فُرض عليه رفقتهم وأناس اختارهم بملء إرادته، وفي كلا الحالين رفقاءُ أحدنا إما أن يكونوا مصدر راحته وسعادته وإما العكس. وأنا أعتقد انّ هذه النظرية ليست صحيحة في كل حال، فلست أنتظر من أحد ان يكون كما أريد بل أحاول جهدي أن أكون انا كما هو يريد لأحصل منه على ما أريد. وما أريده ممن أرافقه ابتداءً ان يكون شخصاً يمكنني برفقته أن أهدأ. وهذا ما رزقني الله إياه في زوجتي، سائلاً الله تعالى أن يرزق الجميع ما يحبون.

هل تصدقون أني احب زوجتي كحبّ الصديق لصديقه، كحبّ الأم لطفلها، كحبّ الأب لأولاده.. زوجتي التي برفقتها أهدأ وأشعر بالأمان والسلام والهدوء الداخلي.. كيف لا وهي زوجتي رفيقة دربي، وصديقتي شريكة عمري، وحبيبتي سيدتي، ودنيتي ملكتي ومالكتي.. ودائماً يحضرني قول رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام عن السيدة خديجة: إني رزقت حبها.

زوجتي التي لا تتعب ولا تكل ولا تمل، تعمل بالليل والنهار، في البيت وخارج البيت، لا يفوتها صغيرة ولا كبيرة في بيتنا، تهتم بشؤوننا – البيت وهي وأنا وصغيرتنا - الكبيرة والصغيرة.. ما تأملت في تفصيل صغير من تفاصيل حياتنا إلا ووقفت ممتنّاً.. ما هي هذه الطاقة العجيبة التي أودعها الله في المرأة أماً كانت أو أختاً أو زوجة. أقسم أن أكثر ما يحتاجه أحدنا هو شخص يحنو عليه، فأرسل الله لك الأم أو الأخت أو البنت أو الزوجة. تحنو عليك تارة وتشجعك وترفع من معنوياتك تارة، وتشاركك وتعينك على متاعب الحياة تارة أخرى..

فهل أنا أو أنت نعجز عن رد القليل من هذا الاحسان!؟

عاد رجل من عمله واستلقى على سريره، فقالت له زوجته ما رأيك أن نخرج اليوم؟ فقال لها أنا لم أنم جيدا البارحة، اتركيني لأنام وأرتاح، تركته المرأة وهي تقول في نفسها:لا بأس لا بد أنه كان متعبا جدا اليوم.

جاء اليوم التالي وعاد الزوج من عمله وتناول الطعام واستلقى على السرير، من جديد جاءت الزوجة وقالت له: لمَ لا نخرج معاً اليوم يبدو الجو جميلاً ومناسباً لأخذ نزهة سريعة. رد عليها الزوج دعيني أنا لست في مزاج جيد، وظل الرجل هكذا طوال الأسبوع، وكل يوم كانت زوجته تختلق له الأعذار حتى تسامحه. حتى جاء اليوم الذي لم يرَ فيه الزوج زوجته عندما عاد الى المنزل بعد العمل.

تعجّب لذلك لكنه قال في نفسه لابد أنها ذهبت لشراء بعض الأشياء، وسوف تعود بعد برهة. تركها الرجل ولم يهتم لغيابها، وذهب لغرفته لينام استيقظ الرجل في اليوم التالي ولم يجد زوجته، ومن ثم بحث في المنزل عنها فوجد ورقة موضوعة في غرفة المعيشة. مكتوب عليها: زوجي العزيز لقد جف نهر الأعذار وتصحرت واحة الصبر، في هذا الأسبوع الذي مر بنا حصل أن وُلدت فيه وفي هذا الأسبوع بالذات أردت أن أجعلك أسعد رجل في العالم، لكن في هذا الأسبوع جعلتني أتمنى أنك لم تولد. لقد أطفئت شموع المحبة بيننا ومزقت قلبي الذي رغبت دائما أن أهديه لك، كل عام وأنا لست معك…..زوجتك.

هرع الزوج الى منزل أهل زوجته، وطلب أن يتفاهم معها فقالت له: أنا لست في مزاج جيد اليوم دعني وشأني. انتبه الزوج أن الزوجة تعيد عليه ما كان يقوله لها..

أخيراً اعتنِ واهتم، ولا تنسَ أن تحنو وتحب.