العدد 1395 / 15-1-2020

رصد سياسيون وبرلمانيون مصريون تعرض رئيس نظام النظام العسكري بمصر، عبد الفتاح السيسي، لثلاث إهانات دولية وإقليمية في أقل من عشرة أيام، تمثل تهديدا صريحا للأمن القومي المصري، وتبرز "الفشل السياسي والاقتصادي للنظام العسكري، وتقزيم الدور المصري بشكل لم تشهده من قبل"، على حد تعبيرهم.

الإهانة الأولى، وفقا للخبراء الذين تحدثوا ، تمثلت في توقيع الاتفاق الثلاثي بين اليونان وإسرائيل وقبرص لتشغيل خط الغاز الطبيعي "إيست ميد" لتصدير الغاز الطبيعي من إسرائيل لأوروبا، وهو ما ينهي آمال مصر لتكون مركزا إقليميا للطاقة، رغم التحالف الذي أسسه السيسي مع الدول الثلاث قبل عدة أشهر.

وتمثلت الإهانة الثانية بإعلان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد فشل مفاوضات سد النهضة، وترحيبه بوساطة رئيس جنوب أفريقيا الذي سيتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي، مطلع شباط القادم، وهو ما اعتبره الخبراء رسالة موجهة لعدم جدوى رئاسة السيسي للاتحاد الأفريقي في دروته الحالية، التي تنتهي بعد أيام.

أما الإهانة الثالثة، فكانت في موافقة اللواء الليبي خليفة حفتر وقف حملته العسكرية ضد طرابلس، ومشاركته في لقاء المصالحة الذي دعت له تركيا وروسيا للتوصل لحل نهائي ينهي الانقسام والحرب داخل ليبيا.

"تدمير الأمن القومي"

ويؤكد عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان المصري السابق محمد عماد صابر " أن الملفات الثلاثة التي تعرض فيها السيسي "للإهانة"، جاءت متزامنة ومرتبطة بصميم الأمن القومي المصري، كما أنها جاءت في وقت كان الإعلام التابع للسيسي يروج أن رئيس الانقلاب قائد إقليمي لا يمكن تجاوزه.

ويشير صابر إلى أنه منذ انقلاب 3 تموز 2013 بقيادة السيسي، فإن مصر شهدت تغييرات جوهرية طالت بنية الدولة ومكانتها، وهو ما ظهر واضحا في خسارة مصر لجزء كبير من ثقلها الدولي والإقليمي، بالإضافة للتراجع الحاد في دورها الريادي داخل المنظومة العربية وقضاياها، والذي يعود السبب فيه لشخصية السيسي وطبيعة نظامه العسكري السلطوي، القائم على المصالح الشخصية وليس المصالح العامة.

وحسب البرلماني السابق، فإن السيسي "فشل في إدارة شؤون الدولة، وفي التعامل مع ملفاتها الشائكة داخليا وخارجيا، كما أن انشغاله ونظامه بقتل الحياة السياسة، والتوغل في سياسة الموت، والدخول في حرب أزلية ضدّ خصومه، وحتى ضدّ أقرب المقربين منه، كان كفيلا بفشله في كل هذه الملفات".

ويضيف صابر: "التدمير الممنهج الذي نفذه السيسي لمؤسسات الدولة بذريعة القضاء على الإرهاب، وتحالفاته الإقليمية التآمرية مع ابن سلمان وابن زايد ونتنياهو، أسهم في تقليص الدور المصري، وأصبح هو ونظامه في سباق مع الزمن، لتدمير مصر، والقضاء على مقومات بقائها ونجاحها، سواء في ملف المياه، أو النهوض الاقتصادي، أو حماية أمنها القومي بما يتماشي مع مصلحة شعوب المنطقة".

ويوضح عضو لجنة العلاقات الخارجية السابق، أن الأمن القومي المصري بمفهومه الوطني، "أصبح في أسوأ مراحله، وهو ما جعل مصر مهددة على المستوى الدفاعي الخارجي، وعلى المستويات الداخلية المرتبطة بالأمن الغذائي، ولقمة العيش، وكذلك على المستوى الحياتي الإنساني بالموت البطيء، وكذلك في تحويل مصر من دولة قائدة لدولة تابعة لغيرها، ما جعلها في النهاية تتعرض لمثل هذه الإهانات الواحدة تلو الأخرى".

"رجل الإمارات"

ووفق رئيس المكتب السياسي بالمجلس الثوري المصري عمرو عادل، فإن الإهانات التي تعرضت لها مصر خلال 10 أيام فقط، هي نتاج 7 سنوات من العمل المتصل لنظام الانقلاب العسكري "لتدمير مصر، وإضعافها، ووضعها على هامش القوي المؤثرة في قضايا إقليم الشرق الأوسط".

ويشير رئيس المكتب السياسي بالمجلس الثوري المصري، إلى أن الكارثة المتعلقة بسد النهضة وإعلان رئيس الوزراء الإثيوبي ترحيبه بوساطة رئيس جنوب أفريقيا، في الأزمة مع مصر، لأنه سيتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي خلفا للسيسي، "يمثل قمة الإهانة للسيسي تحديدا، لأنه قدم نفسه، باعتباره زعيم إفريقيا الأكثر تأثيرا، كما أنه يشير أيضا لانهيار ثقل مصر وقوتها الناعمة في أفريقيا".

ويضيف عادل: "التحولات والنتائج المترتبة على الملفات الثلاثة، تشير لتقليص قوة مصر، والتي لا يمكن حلها أو تجاوزها إلا بأن يستعيد المجتمع المصري حيويته وقدراته وسيطرته على مقدراته، وإلا فإن سقوط مصر سوف يستمر إلى ما هو أخطر وأكثر تفككا وخطورة".

ويختم عادل حديثه مؤكدا أن الأزمة ليست في السيسي فقط، وإنما في طبيعة النظام المصري كله، الذي يحتاج لتغيير كامل، لأنه الآن يختلف كثيرا عن أسوأ عهود الاحتلال الإنجليزي لمصر.