العدد 1491 /15-12-2021

بقلم: يوسف ندا

للمرة الثانية أحاول فتح الباب لعل كبير القوم يرى أنه لولا القصور والجهل والكذب لما صرخت الضحايا، ولما كُشفت العورات، ولما فُضح المستور منذ تشنج جورج بوش أمام الميكروفون في البيت الأبيض (في السابع من تشرين الثاني/ نوفمبر 2001) باتهامي زورا بالدعم المالي لأسامة بن لادن وقاعدته.

وضعني في قائمته الضالة، ووعد بأن يجوعنا، وأمر السلطات الأمريكية ومجلس الأمن ودول العالم أن يجمّدوا أموالي وأموال شركائي، وبنك التقوى الذي أنشأته، ومنعني من دخول أراضيهم. فعلوا ذلك جميعا بمخالفات صريحة لقوانينهم ودساتيرهم وقيمهم.

منذ ذلك اليوم، وهو السابع من تشرين الثاني/ نوفمبر 2001، أصبح العالم كله ينفذ هذه القرارات، وأنا في بيتي مُحاصر في قرية بستة كيلومترات مربعة، حيث مُنعت من التحرك إلى غيرها، وجمّدت جميع أموالي وأرصدتي، أيضا أرصدة شركائي، وبنك التقوى، بواسطة أمريكا وجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ومنع أي شخص أو مؤسسة أو دولة من التعامل معي، ولا يعلم غير الله كيف مرت بي هذه السنوات العجاف، وكيف سنتخلص من آثارها المُعقدة؛ المالية والقانونية والنفسية والصحية، ونشكره تعالى أنها زادت إيماننا بما درسناه في كتابه العزيز (إن الله يدافع عن الذين آمنوا)، ونتضرع إليه أن يجعلنا منهم.

ولا أنسى يوم سألت زوجتي (وأنا في طريقي إلى مكتب البريد لعل فيه رسائل جديدة): هل تريدين شيئا؟ فقالت لي: لو أمكن خمسة كيلوغرامات من الدقيق لأعمل خبزا، فوجدتني أغلق عيني، ومرت أمامي أصفار كثيرة أمام الخمسة التي قالتها تمثل أقل كمية كنت أشتريها وأبيعها من الدقيق فقط بخلاف المواد الأخرى قبل عدة شهور، (وهي نصف مليون طن بخلاف المواد الأخرى التي كانت بملايين كثيرة من الأطنان، وخاصة البترول والأسمنت والحديد). ولك أن تتصور إن كان الأمر كذلك بالنسبة لدقيق الخبز، كيف كان الأمر لكل احتياجاتنا كأحياء؟ وظللت كذلك حتى كتب الله لي التوفيق في المعارك القضائية في مواقع مختلفة من العالم انتهت على مرحلتين:

الأولى، براءتي بإخراجي من قوائم الأمم المتحدة في 23 أيلول/ سبتمبر 2009، والأخيرة من القائمة الأمريكية بعد ذلك في 26 شباط/ فبراير 2015.

والتواريخ الثلاثة (مع السابع من تشرين الثاني/ نوفمبر 2001 وهو تاريخ قرار الأمم المتحدة بتجميد أموالي وممتلكاتي في كل العالم)، مهمة لتوضيح الغرض من هذه الرسالة.

بتاريخ 15 نيسان/ أبريل 2008، أي في الوقت الذي كنت فيه تحت الحصار الدولي، حكمت المحكمة العسكرية العليا في مصر عليّ غيابيا بعشر سنوات سجنا، والتهمة هي تمويل جماعة الإخوان المسلمين.

أنشئت محكمة عسكرية في القاهرة في القضية 2-2007 جنايات عسكرية في مصر لمحاكمة بعض أفراد من جماعة الإخوان المسلمين وأنا منهم، وكانت التهمة هي تمويل الجماعة، أي في الفترة التي كنت فيها في قوائم أمريكا وقوائم الأمم المتحدة، ومُجمدة كل أموالي وممتلكاتي وشركاتي في كل أنحاء العالم؛ وأنا وعائلتي نحتاج لكل مقومات الحياة حتى دقيق الخبز.

وفي تاريخ 15 نيسان/ أبريل 2008 حكمت المحكمة العسكرية العليا عليّ غيابيا بعشر سنوات سجنا، وذكرت المحكمة في حيثيات حكمها بالنسبة لي في الصفحة 8 من حكمها أنه "رسخ في عقيدة ووجدان المحكمة مستخلصة من سائر أوراق الدعوى وتحقيقاتها وبما اطمأنت إليه منها أنه وردت معلومات إلى المقدم عاطف الحسيني من قوة مباحث أمن الدولة من مصادره السرية التي أكدتها تحرياته..".

والصفحو رقم 9 تقول: "كما دلت تحريات المقدم المذكور بالمحاضر المؤرخة 19-12-2006 و12-1-2007 و16-1-2007، ومن المعلومات الواردة إليه من مصادره ومن المعلومات الواردة إليه من مصادره السرية، أن تنظيم (جماعة) الإخوان المسلمين المحظور نشاطها قانونا تتلقى أموالا من خارج البلاد لتمويلها عن طريق المتهم الثاني والعشرين يوسف مصطفى ندا المُقيم خارج البلاد ولا يعرف له محل إقامة محدد فاستحال إعلانه بموعد الجلسة عن طريق وزاره الخارجية عملا بنصوص 1134 ج110100 مرافعات، وتم إعلانه في مواجهة جهة الدار ممثلة في النيابة العسكري".

وباستعراض المحكمة للواقعة على النحو السابق، ذكره فقد اطمأنت إلى صحة حدوث الواقعة تأسيسا على الأدلة الآتية في القضية 2-2007 جنايات عسكرية:

(ص18) "فضلا عما أثبته المقدم المذكور بمحضريه المؤرخين 19-12-2006 و12-1-2007 أن تحرياته ومعلوماته التي أكدتها مصادره السرية بأن هناك مصادر تمويل لهذه الجماعة (جماعه الإخوان المسلمين) فهذه الجماعة تتلقى أموالا من الخارج عن طريق المتهم الثاني والعشرين يوسف مصطفى علي ندا والرابع والعشرين علي غالب همت".. علما بأني جددت جواز سفري المصري في القنصلية المصرية في بيرن بسويسرا، ولست في حل من الحديث كيف تم ذلك، ومن مستلزمات طلب التجديد والتسجيل في القنصلية كتابة العنوان، وبالتالي فعنواني مثبت في القنصلية المصرية في بيرن بخلاف ما قيل في المحكمة.

أنا ذكرت بعض التفاصيل من نصوص المحكمة لأوضح فبركة القضايا في غياب ليس فقط العدالة، ولكن أيضا العقل والمنطق. وموضوعي هذا يمثل مثلا واحدا من آلاف القضايا التي فبركت ضد جماعة الإخوان المسلمين في وقت خضوع مصر بجيشها ومحاكمها تحت الرئاسة، سواء السابقة أو الحالية.

الملخص:

في 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 2001 وضعت أنا وشركاتي وبنك التقوى تحت الحصار في القائمة الأمريكية وقوائم الأمم المتحدة في العالم، وحُددت إقامتي وجمدت أموالي وشركاتي وبنك التقوى، وهذا ليس ادعاء، ولكن العالم كله شارك فيه بعلمه. ظللت محاصرا دوليا ولا يمكنني التصرف في أموالي وممتلكاتي ابتداء من 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 2001 حتى شطبت أسماؤنا من قوائم هيئة الأمم 23 أيلول/ سبتمبر عام 2009، ومن القوائم الأمريكية في 26 شباط/ فبراير 2015.

وأثناء ذلك الحصار، أنشئت في شباط/ فبراير 2007 محكمة عسكرية لمحاكمتنا بتهمه تمويل الإخوان، وفي 15 نيسان/ أبريل 2008 حكمت المحكمة العسكرية في مصر عليّ غيابيا بعشر سنوات سجنا، والتهمه تمويل الإخوان وطلبة الأزهر في القضية رقم 2 سنة 2007، أي في الوقت الذي كنت فيه محاصرا دوليا وكل أصولي وأموالي وحريتي مُجمّدة دوليا، ولا يمكنني الوصول أو التصرف في أموالي وممتلكاتي في أي مكان في العالم.

وقالت المحكمة في حيثياتها إنه رسخ في عقيدتها ووجدانها واطمأنت إلى معلومات المقدم عاطف الحسيني من مصادره السرية؛ بأن تنظيم الإخوان المسلمين يتلقى أموالا من خارج البلاد عن طريقي، وأنه لم يمكن إخطاري بالجلسة عن طريق وزارة الخارجية، لأنه لا يعرف لي محل إقامة، علما بأن عنواني موجود في القنصلية المصرية في بيرن، وهي التي جددت جوار سفري المصري.

ظللت محاصرا دوليا ولا يمكنني التصرف في أموالي وممتلكاتي ابتداء من 7 تشرين الثاني2001، حتى شطبت أسماؤنا من قوائم هيئة الأمم المتحدة في 23 أيلول 2009 ومن القوائم الأمريكية في 26 شباط 2015، أي في الفترة التي ادعت عليّ فيها السلطات المصرية بتمويل جماعه الإخوان (2006 و2007).

وقديما قال من نصحوا أمثالهم فقالوا لهم "إذا كنت كذوبا فكن ذكورا"، للأسف فعلوا ذلك بتحد واضح لعقول رعايا دولة كاملة تضم حوالي 80 مليونا من البشر في ذلك لوقت، ألم أقل في أول الرسالة أنه لولا قصور الأجهزة وجهلها وكذبها لما صرخ ضحاياها بكشف عوارها وفضح مستواها؟