العدد 1432 / 14-10-2020
علي سعادة

لا يتوقع أن تتسع رقعة المواجهات بين الجاريتين اللدودتين (أرمينيا وأذربيجان) إلى مواجهة مفتوحة تأكل معها الأخضر واليابس، أو أن تنعش قوافل القتلى واللاجئين، رغم المخاوف من تحول النزاع العسكري إلى تهديد لأمن واستقرار منطقة بحر قزوين الغنية بالغاز.

اللاعبون الكبار في المنطقة لن يتركوا الأمور تنفلت من بين أصابعهم إلى حرب إقليمية واسعة أثر احتلال جمهورية أرمينيا، منذ عام 1992، نحو 20 % من الأراضي الأذرية، التي تضم إقليم "ناغورنو كرباخ " و5 محافظات أخرى غربي البلاد، إضافة إلى أجزاء واسعة من محافظتي "آغدام" و"فضولي".

وأدى هذا النزاع إلى حرب بينهما وقعت فيها مذابح وأعمال وحشية وتهجير، خاصة في حق سكانه من الأذريين.

تعقيد الصراع نتج عن تناقض وتنافر مصالح الدول التي تساند طرفي النزاع إذ تستند أذربيجان بالدرجة الأولى إلى دعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فيما تقف إيران إلى جانب أرمينيا. ونشرت وسائل إعلام تركية تقارير أكدت إمداد إيران جمهورية أرمينيا بآليات عسكرية وسلاح روسي عبر أراضيها، في الوقت الذي يتمتع فيه البلد ذو الغالبية الشيعية بعلاقات مميزة مع طهران، إذ يشكل الشيعة نسبة 75 % من إجمالي سكان أذربيجان البالغ عددهم 10 ملايين نسمة. وهي ثاني أعلى نسبة من المسلمين الشيعة في أي بلد بالعالم.

وتأتي مخاوف إيران من قوة أذربيجان في أن الأذريين ليسوا محصورين داخل تلك جمهورية أذربيجان بل إنهم يشكلون ثاني أكبر قومية بعد الفرس في إيران بنسبة 16%، وهم يتمتعون بمكانة مهمة في الدولة، ومناطقهم تعد الأكثر تطورا ورخاء.

ويبدو أن الهاجس القومي عند إيران أقوى من الهاجس الديني ومن ترويج نفسها بوصفها النصير لشيعة العالم .كما أن باكو تفضل تركيا وكازاخستان السنية المذهب على إيران الشيعية.

ولا يبدو الأذريين مهتمين بهذا الجانب فغالبية الشعب هم من العلمانيين، ولا توجد أية فروقات ظاهرة بين السنة والشيعة في البلاد، وتقام الصلوات المشتركة كل يوم جمعة، رغم تقارير تقول إن الرئيس الأذري إلهام علييف يخطط لتحويل الدولة إلى المذهب السني.