العدد 1347 / 30-1-2019

يشهد معسكر اللواء الليبي خليفة حفتر، ارتفاعاً في وتيرة المنشقين عنه، يعوضها حفتر بحملة ترفيع شخصيات جديدة. آخر هؤلاء المنشقين هو عبد الجليل عثمان، أحد أبرز داعمي حفتر منذ إطلاقه "عملية الكرامة" في منتصف عام 2014، وهو أيضاً من أبرز أنصار نظام القذافي، ولطالما عُرف عنه بذله جهوداً لحشد الدعم المسلح لحفتر بين قبائل الجنوب، وتحديداً القبائل الليبية الموالية للنظام السابق. ظهر عثمان، يوم الجمعة الماضي، بعد أيام من إعلان حفتر عن إطلاق عمليته العسكرية الأخيرة في الجنوب الليبي، معلناً معارضته للعملية، ووصف حفتر بـ"الأرعن والعميل"، مخاطباً إياه بالقول "لولا أنصار النظام السابق لم تكن ولم تستطع السيطرة على بنغازي"، متسائلاً "كيف تبني جيشاً وأنت من بعته في حرب الجيش في تشاد في الثمانينيات"، مشيراً إلى أن حفتر هو الذي دعم مقاتلي "مجلس شورى بنغازي" ووصف كتائب جيش القذافي بـ"قوات المرتزقة".

ولا تقتصر موجة الانشقاقات عن حفتر على الضباط والعسكريين، بل طاولت شخصيات إعلامية لم تتوقف طيلة أربع سنوات عن تقديم الدعم والتأييد وتوجيه الرأي العام عبر القنوات الفضائية ووسائل الإعلام الأخرى لمعسكر قائد "عملية الكرامة"، من بينهم نعمان بن عثمان، رئيس مؤسسة "كويلم"، وهو عضو سابق في الجماعة الليبية المقاتلة ويقيم في لندن. وأطل بن عثمان مطلع الشهر الحالي عبر لقاءات عدة ليصف حفتر بـ"المتمرد" والساعي لحكم ليبيا بقوة السلاح و"المنقلب". كذلك الإعلامي محمود المصراتي الذي حاول التملّص من دعمه لحفتر، بالتأكيد خلال مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي، أن القوة المتجهة إلى الجنوب الليبي "تضم مجرمين وخريجي سجون ومتعاطي المخدرات وقطاع طريق"، وأن هذه القوة "تمارس السرقات والحرابة وتهريب الوقود وتهريب البشر وإقامة البوابات الوهمية في الجنوب لأخذ الإتاوات وسرقة المواطنين"، لافتاً إلى أن أهالي الجنوب لا يثقون في قوات حفتر.

عسكرياً، فضّل عدد من الضباط التغيّب عن المشهد وعدم كشف أسباب انسحابهم من المشاركة في عمليات حفتر. فمنذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي غاب عن الأنظار اللواء سالم الرفادي، الذي قاد عملية حفتر للسيطرة على درنة، بعد تتابع أنباء اعتقاله من قبل أجهزة أمن حفتر لمخالفته أوامره ومعارضته لعمليات القبض والاعتقال الواسعة بحق المدنيين في درنة. كما لا يزال مصير اللواء أحمد العريبي، أبرز قادة قوات حفتر في بنغازي، غامضاً حتى الآن، بعد اعتقاله في الشهر نفسه على يد أجهزة أمن حفتر، بسبب ورود أنباء تؤكد أنه هو الذي سلّم ملف الاعتداء على فرع بنك ليبيا المركزي في بنغازي لفريق خبراء الأمم المتحدة، والذي بنى عليه الفريق تقريره الذي قدّمه إلى مجلس الأمن الدولي، منتصف أيلول الماضي، متهماً صدام، نجل حفتر، بالتورط في سرقة ملايين الدولارات من فرع البنك.

يضاف إلى هؤلاء غياب كامل للعقيد يونس القهواجي، أحد أذرع حفتر الأمنية، والعميد فتحي حسونة الدرسي، مدير مكتب حفتر للعلاقات الخارجية وأحد أبرز قادة "عملية الكرامة" والذي يوصف بأنه من مؤسسي العملية. واعتُقل الرجلان في أكتوبر الماضي أيضاً، فيما أشيعت أنباء عن إطلاق سراح القهواجي وهربه لاحقاً إلى مصر. كذلك يبرز غياب رئيس مديرية أمن بنغازي العقيد صلاح هويدي، المقال من قبل حفتر في كانون الأول الماضي بسبب معارضته إجراءات أمنية في المدينة صدرت من صدام حفتر، واللواء عمر السنكي، وزير الداخلية السابق في حكومة مجلس النواب، بعد مجاهرته في أكثر مناسبة بعدم رضاه عن تصرف أجهزة أمن حفتر في مدن الشرق الليبي.

لكن السؤال الأبرز يتمثل في شكل القيادات الجديدة التي يعتمد عليها حفتر بدلاً من المنشقين أو المبعدين عن معسكره. فحتى الآن لا تبرز على الساحة سوى قيادات عسكرية شابة، مثل نجله صدام، قائد "كتيبة طارق بن زياد"، التي تعتبر أقوى كتائب حفتر المنتشرة في شرق البلاد والتي اتجهت بعض فصائلها للمشاركة في عملية حفتر الجديدة في الجنوب، إضافة إلى أسماء أخرى، مثل وهبي الرخ، رئيس أجهزة أمن حفتر في المرج، وميلود الزوي أحد أبرز قادة "قوات الصاعقة"، وتغلب على الوجوه الجديدة حداثة السن بالإضافة لنشأتهم الحديثة عسكرياً في أحضان "عملية الكرامة".