سليم عزوز

هى معضلة «الرجل الثاني» التي تفتح الباب أمام قائمة الأسئلة الوجودية، فمن يعلم أن «محمد بن زايد» هو مجرد ولي عهد أبو ظبي، ونائب القائد العام للقوات المسلحة في دولة الإمارات، لا بدّ أن يعتبر أن من الأسئلة الوجودية السؤال التالي: من هو حاكم الإمارات العربية المتحدة، والقائد العام للقوات المسلحة الإماراتية؟! 
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل انتبه أحد من غير سكان الجزيرة العربية وأهل الاختصاص، إلى أن موقع «محمد بن زايد» من الإعراب هو أنه مجرد «ولي عهد» أبو ظبي، ونائب القائد العام للقوات المسلحة؟!
في اعتقادي أن الإجابة هى بالنفي، لأن كثيرين بظهور «محمد بن زايد»، سيقرون بأنه الرجل الأول والأخير في دولة الإمارات العربية المتحدة، ولهذا فصلاحياته لا يحدها حد، ويظهر في كل الأزمات التي تشهدها المنطقة، فهو من يتحرك ومن يفعل، ومن يقرر المصير، وليس فقط لا يسبقه أحد في ترتيب السلطة، ولكن لا يوجد غيره في دولة الإمارات، فهو صاحب الأمر والنهي، ومن دونه هم والعدم سواء! الانتباه إلى أن «محمد بن زايد» هو «ولي العهد» لأبي ظبي، و«نائب القائد العام» للإمارات المتحدة، سيطرح هذا السؤال الوجودي بقوة: من هو حاكم «أبو ظبي»، والقائد العام للقوات المسلحة الإماراتية؟ ومن هو رئيس الإمارات؟ 
يعلم سكان الخليج وأهل الاختصاص، أن حاكم «أبو ظبي» هو رئيس دولة الإمارات، وهو «القائد العام» للقوات المسلحة الإماراتية الشيخ «خليفة بن زايد آل نهيان»، الذي ظهر صامتاً مؤخراً ولمرة واحدة بعد غياب أو تغيّب استمر لمدة عامين، لم يلتق فيهما زائراً لدولته، أو يُلقِ فيهما بياناً لشعبه، أو يصدر فيهما قراراً، أو يحل فيهما أو يربط؟! ولا نعرف ما هى وجهة نظره في ما يحدث؟ ولا نعرف إن كان موافقاً على هذا العبث الذي يقوم به «محمد بن زايد»؟، وعبثه ممتد في أكثر من جبهة، ومن أول تجنيد الإعلاميين المصريين، وإطلاق فضائيات في مصر، مبدداً بذلك المال الإماراتي، ووصل الحال إلى استخدام المال في تحريض الغرب على دولة جارة هي قطر، بل وشراء ذمة إعلامي منح الفرصة ليثبت وجوده المهني ففشل، فذهب ليعادي القناة التي عمل بها بعقد مؤقت، وتحولت الرشوة الإماراتية إلى فضيحة يتغنى بها الإعلام الأمريكي!
قد يكون في إفشال الربيع العربي، من مصر إلى ليبيا، ومن اليمن إلى تونس، هدف إماراتي عام، ومطلب خليجي جامع، تمثل فيه قطر استثناء يؤكد القاعدة ولا ينفيها، حتى لا تنتقل العدوى إلى العروش الخليجية التي هى على جرف هار، ومن هنا يكون هناك «رضا ضمني» عن سياسة «محمد بن زايد»، ومن أعلى رأس في السلطة وهو «الشيخ خليفة»، فتركه يصول ويجول، ويعد غيابه هو علامة الرضا، وشبيهاً بغياب «رئيس الجبهة السلفية» لصالح «نائبه ياسر برهامي»، لكن كل هذا «كوم»، وحصار قطر كوم آخر، فلا أعتقد أن الشيخ «خليفة» يمكن أن يوافق على حصار الشعب القطري بغية تجويعه، إذن فأين الرجل!
الصورة التي ظهر عليها الشيخ خليفة بمناسبة عيد الفطر بعد تغييب دام عامين، تؤكد أنه لا يملك السيطرة على المشهد، كما أن صمت حكام الإمارات الست (إذا استبعدنا أبو ظبي)، لا بدّ أن يطرح سؤالاً عن سر نفوذ محمد بن زايد الذي جعله الحاكم بأمره، فمنذ بداية الأزمة لم نسمع صوتاً لأحد منهم عن رأيه في هذا الحصار، فيبدو للمتابع أن الرأي العام في دول الحصار «الثلاث»، لا يوافق على ما جرى بدليل تغليظ العقوبات على من يرفض الحصار ولو بشطر كلمة، ما يعني أن قرار الحصار يفتقد التأييد الشعبي في هذه الدول «الثلاث»! فالسؤال المهم هو عن مصدر هذه القوة التي تجعل «محمد بن زايد» يتصرف في دولة الإمارات العربية المتحدة، تصرف المالك في ما يملك، ويغيب الدولة الإماراتية تماماً، حكاماً وشعباً، فلا يملك أحد أن يقول له: «أف» فمن يحمي محمد بن زايد؟.. وكيف يقبل حكام الإمارات السبع بأن يكونوا هم والعدم سواء! دولة، من سبع إمارات، فيها رئيس، وحاكم لكل إمارة، وجيش على رأسه قائد أعلى، وعلم ونشيد وطني، فلا يظهر منها إلا ثلاثة أشخاص: محمد بن زايد، واثنان يكتبان تويتات: ضاحي خرفان، وأنور قرقاش؟.. والأخير ليس أكثر من وزير دولة للشؤون الخارجية، ليطرح حضوره سؤالاً وجودياً جديداً مفاده: من وزير خارجية الإمارات؟
هل تعلم أنه في الحالة الإماراتية المدهشة يحضر وزير الدولة للشؤون الخارجية ويغيب وزير الخارجية، إلا في اجتماعات وزراء خارجية دول الحصار، لزوم التصوير التلفزيوني والفوتوغرافي؟! يا لها من حالة وجودية ليس لها مثيل!}