العدد 1368 / 3-7-2019

بعد أيام قليلة على خسارته مدينة غريان الإستراتيجية، أمر اللواء المتقاعد خليفة حفتر قواته باستهداف السفن التركية في المياه الإقليمية الليبية وكافة الأهداف التركية على الأراضي الليبية من شركات ومشروعات ومقار، وذلك ردًا على ما اعتبره "غزوا تركيا غاشما" تتعرض له ليبيا.

وقال اللواء أحمد المسماري المتحدث باسم قوات حفتر -خلال مؤتمر صحفي عقب الهزيمة في مدينة غريان جنوب طرابلس- إن "الأوامر صدرت للقوات الجوية باستهداف السفن والقوارب داخل المياه الإقليمية، وللقوات البرية باستهداف كافة الأهداف الإستراتيجية التركية". وأضاف "سنحظر أي رحلات جوية تجارية من ليبيا إلى تركيا، فضلا عن أننا سنتعامل مع أي طائرات وافدة من تركيا تحاول الهبوط في طرابلس باعتبارها معادية".

لم ينتظر حفتر وقواته كثيرًا حتى بدؤوا في تطبيق بعض وعيدهم، حيث جرى منذ الخميس الماضي تعليق الرحلات الجوية من بنغازي إلى تركيا، كما أقدمت الأجهزة الأمنية الموالية لحفتر بشرقي ليبيا على اعتقال ستة أتراك يشتغلون في ورش للسيارات تم الإفراج عنهم لاحقًا، إضافة إلى إغلاق المطاعم والمحال التجارية التي تحمل أسماء تركية، مثلما حصل في مدينة أجدابيا شرقي البلاد.

رفض تركي

هذه التهديدات قوبلت برفض تركي كبير، حيث أكد الرئيس رجب طيب أردوغان -في مؤتمر صحفي على هامش قمة العشرين بأوساكا اليابانية- أن تركيا ستتخذ التدابير اللازمة إذا صدرت أي خطوات عدائية ضدها في ليبيا من قوات حفتر.

وفي السياق ذاته، أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي آكار أن بلاده سترد على أي هجوم تنفذه قوات حفتر ضد مصالحها، مؤكدا أنه سيكون هناك ثمن باهظ جدا لأي موقف عدائي أو هجوم على مصالح بلاده، وأن أنقرة سترد بالطريقة الأقوى والأكثر فعالية.

من جهتها، طالبت وزارة الخارجية التركية -عبر رسالة نشرت في الصفحة الإلكترونية لسفارتها بالعاصمة طرابلس- المواطنين الأتراك بضرورة تجنب الخطوات التي من شأنها أن تعرض أمنهم للخطر في ما وصفتها بـ"المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات غير القانونية التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر".

بدوره، اعتبر المجلس الرئاسي الليبي التهديدات التي أطلقها المسماري ضد المصالح التركية دعوة للقتل والكراهية وتحريضًا على القتل على الهوية، مؤكدًا أنها ترقى لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

كما ندد المجلس الأعلى للدولة في ليبيا بتلك التهديدات، وقال إنها محاولة من حفتر لتبرير هزيمة قواته في غريان، وذرائع إضافية لتدخل الدول التي تسانده.

تراجع وانهيار

وقد اعتبر الباحث التركي ومسؤول الملف الليبي في مركز سيتا للدراسات بأنقرة "امراه ككيللي" أن تهديدات حفتر لا تعني شيئا بالنسبة لتركيا، فهو قائد مليشيات تسيطر على جزء من المنطقة الشرقية بليبيا، ودول المنطقة اقتنعت أنه عاجز عن السيطرة على ليبيا خصوصا بعد هزيمته في غريان، وقد بدأ يتراجع وهناك انهيار في صفوف قواته.

وأكد ككيللي أن أنقرة تحترم سيادة ليبيا وهي تتعامل مع المؤسسات الشرعية المعترف بها دوليا في طرابلس التي يوجد بينها وبين أنقرة تنسيق أمني، لذلك سيكون الرد على أي اعتداء من خلال حكومة طرابلس باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد هذه المليشيات الخارجة على القانون، بحسب تعبيره.

وقال الباحث في مركز سيتا (المدعوم من الحكومة التركية) إن حفتر بوصفه قائد مليشيات لا يحترم القانون ، لذلك أفرج عن الأتراك الستة في أقل من 24 ساعة بعد اختطافهم خوفا على نفسه.

وأضاف "تركيا ليست طرفا في الصراع في ليبيا، هي تعترف بحكومة معترف بها دوليا في إطار مؤتمر روما 2015، وفيما يتعلق بوجود أسلحة تركية في أيدي القوات الشرعية فوزارة الخارجية التركية جاهزة لتشارك كل المعلومات التي لديها مع أي جهة دولية تحقق في هذا الأمر".

أسلحة إماراتية

وشدد ككيللي على أنه بعد سيطرة القوات الشرعية على مدينة غريان، وجدوا أسلحة صينية وأميركية في أيدي قوات حفتر، وبعد التحقيق والتحري ثبت بالأدلة القاطعة أن دولة الإمارات العربية هي التي سلمت حفتر تلك الأسلحة.

ويرى مراقبون أن خسارة حفتر معقلا رئيسيا مثل مدينة غريان أمر كارثي له ومحرج للدول الداعمة له والتي روّجت بأنه الرجل القوي الذي باستطاعته أن يحكم ليبيا، لذلك حوّلت وجهتها نحو تهديد المصالح التركية لصرف الأنظار عن الهزيمة.

وتحتل ليبيا المرتبة الثالثة ضمن قائمة البلدان الأكثر احتضانا للمقاولين الأتراك باستثمارات تبلغ قيمتها 28.9 مليار دولار، كما أن المشاريع العالقة للشركات التركية تبلغ 19 مليار دولار، وفق المجلس التنفيذي لرابطة المقاولين الأتراك.