العدد 1351 / 27-2-2019

تُتداول عدة سيناريوهات لما يمكن أن تفضي إليه القمة المقررة في فيتنام بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، وتدور التساؤلات حول حجم التنازلات التي يمكن أن يقدمها كيم في ما يتعلق بترسانة بلاده النووية والصاروخية.

قطعا لا أحد يمكنه تخمين ما يفكر فيه الزعيم الكوري الشمالي، وهو يشق طريقه إلى حدود فيتنام عبر الصين على متن قطار مصفح للقاء ترامب للمرة الثانية، بعد القمة الأولى من نوعها التي جمعتهما في حزيران الماضي في سنغافورة.

والسيناريوهات المتداولة لمآل القمة المقرر عقدها يومي الأربعاء والخميس في مدينة هانوي الفيتنامية تتراوح بين الخروج بلا شيء يزيد على ما انتهت إليه قمة سنغافورة وبين تقديم الزعيم الكوري الشمالي الشاب (35 عاما) بعض التنازلات التي قد تشمل التخلي عن جزء من ترسانته النووية والصاروخية.

ووفق محللين، فإنه ليس بين هذه السيناريوهات التخلي عن الأسلحة النووية التي تؤكد بيونغ يانغ أنها باتت تملكها بعد عدة تجارب نووية في السنوات القليلة الماضية، أو صواريخها العابرة للقارات، التي يقدر خبراء أميركيون أن بعضها يفوق مداه عشرة آلاف كيلومتر، ويمكن أن تصيب مدنا أميركية بينها واشنطن ونيويورك، فضلا عن قواعد أميركية في المحيط الهادئ مثل قاعدة غوام.

في 2017، أكدت كوريا الشمالية أنها اختبرت بنجاح قنبلة هيدروجينية، قبل أن تعلن في 2018 وقف التجارب النووية.

ويعتقد أن لدى كوريا الشمالية أسلحة نووية صغيرة، وتقدر الاستخبارات الأميركية أنها تملك المواد اللازمة لإنتاج نحو عشرين رأسا نووية يمكن وضع بعضها على صواريخ عابرة للقارات، مثل الصاروخ "هاوسونغ 15" الذي يبلغ مداه 13 ألف كيلومتر.

وكانت قمة سنغافورة، التي جنبت شبه الجزيرة الكورية ما بدا أنها حرب كورية شمالية أميركية مدمرة وشيكة، انتهت بما اعتُبر التزاما فضفاضا بإخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية.

وعمليا لم يترتب عن هذا الالتزام شيء ملموس، حيث تحتفظ بيونغ يانغ بترسانتها النووية، كما تبقي واشنطن على "مظلتها النووية" في كوريا الجنوبية.

ومع ذلك، فإن تلك القمة أسفرت عن تقارب شخصي بين الرئيس الأميركي والزعيم الكوري الشمالي، حتى أن الأول بات يصف علاقته بالثاني بالعظيمة، كما فتحت الباب أمام احتمال إنهاء حالة المواجهة القائمة بشبه الجزيرة الكورية منذ انتهاء الحرب هناك مطلع خمسينيات القرن الماضي.

حجم التنازلات

ونقلت صحف كورية جنوبية -عن مصادر حكومية لم تسمها- أن ترامب وكيم قد يبرمان اتفاقا لكنه لن يرقى إلى خريطة طريق لنزع الأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية.

وبدل خريطة طريق تنص على نزع كامل للسلاح النووي، قد يضحي كيم بصواريخه العابرة للقارات الموجهة للولايات المتحدة، وربما يعرض وقف المفاعل النووي الرئيسي، وذلك مقابل تخفيف العقوبات الأميركية المشددة على بلاده.

ويريد الرئيس الأميركي من الزعيم الشاب أن يتخلى بالكامل عن سلاحه النووي مقابل تطبيع للعلاقات يشمل رفع العقوبات وإنهاء حالة الحرب القائمة، في حين أن كوريا الشمالية لا تزال حتى الآن تعتبر ترسانتها النووية والصاروخية وسيلة دفاع ناجعة إذا شنت عليها أميركا الحرب.

وقبل أيام من لقاء هانوي، قال ترامب في تغريدات على تويتر إن كوريا الشمالية يمكن أن تصبح قوة اقتصادية عظيمة في حال تخلت عن ترسانتها النووية. وكان قد "أغرى" من قبل الكوريين الشماليين بمساعدتهم اقتصاديا إذا قبلوا مطلبه.

كيم والنووي

ونقل عن الزعيم الكوري الشمالي كلام يُفهم منه استعداده للتخلي عن سلاحه النووي، ولكنه لم يحدد شروطا لذلك.

فقد نقل عنه مسؤول المخابرات الأميركية السابق آندرو كيم قوله مخاطبا وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال لقائهما في بيونغ يانغ في نيسان الماضي؛ "أنا أب وزوج ولدي أطفال.. ولا أريد أن يحمل أطفالي السلاح النووي على ظهورهم طوال حياتهم".

ولكن، في واشنطن لا يبدو المسؤولون الأميركيون مقتنعين بأن الزعيم الكوري الشمالي ينوي التخلي عن أسلحته النووية، وبدا الرئيس ترامب في تغريداته الأخيرة غير متيقن من أن كيم قد يقدم له في قمة هانوي تنازلا كبيرا بحجم التخلي عن الترسانة النووية.

وفي سول، لخصت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية التوقعات والسيناريوهات الممكنة لقمة هانوي بقولها إن مسؤولين بالاستخبارات الأميركية رجحوا في شهادات أدلوا بها مؤخرا في الكونغرس أن كوريا الشمالية لن تتخلى أبدا عن كل ترسانتها النووية.