العدد 1683 /1-10-2025
محمد البديوي
حكم القاض الفيدرالي وليام يونغ، الثلاثاء، بأن
إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تستهدف المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين وطلاب
الجامعات بشكل غير قانوني، معتبراً أن ذلك يمثل هجوماً متعمداً على حرية التعبير،
ويهدف إلى بث الخوف في نفوس الطلاب غير الأميركيين والتضييق على الاحتجاجات
الجامعية. ووصف القاضي الحملة بأنها "قمع فاضح وغير دستوري لحرية
التعبير".
وخلص قاضي المحكمة الجزئية الأميركية، في رأيه
المؤلف من 161 صفحة، إلى أن إجراءات الترحيل التي تبنتها الإدارة "تقيد حرية
التعبير بما يخالف الدستور"، مؤكداً أن قراره "الرأي الأهم الذي أصدره
طيلة 30 عاماً من عمله في القضاء". وقد عُيّن يونغ خلال فترة الرئيس رونالد
ريغان في مدينة بوسطن، وأشار إلى أنه سيصدر إجراءات لاحقة لمواجهة هذه الممارسات
التي اعتبرها انتهاكاً صريحاً للتعديل الأول للدستور الأميركي، وذلك عقب جلسة
استماع جديدة.
وفي وقت سابق من هذا العام، أقام عدد من أعضاء
هيئة التدريس بالجامعات دعوى قضائية ضد إدارة ترامب، مؤكدين أنها قيدت حرية
التعبير بشكل غير قانوني، من خلال استهدافها نشطاء جامعيين مؤيدين لفلسطين مثل
محمود خليل ومحسن مهداوي وروميساء أوزتورك. وصدر هذا الحكم بعد محاكمة استمرت
أسبوعين تضمنت شهادات من كبار مسؤولي إدارة ترامب. وقد سعت المحاكمة للإجابة عن
سؤال محوري: هل يتمتع المقيمون غير المواطنين في الولايات المتحدة بحقوق حرية
التعبير نفسها التي يتمتع بها المواطنون؟
وذكر القاضي يونغ في قراره أن وزارتي الأمن
الداخلي والخارجية استهدفتا غير المواطنين بسبب تعبيرهم عن آرائهم، بهدف "قمع
الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين وإرهاب الطلاب من المشاركة في فعاليات
مماثلة". وهاجم يونغ الرئيس ترامب معتبراً أنه "يتجاهل كل شيء"،
ويستخدم "نفوذه لسلب الحقوق الدستورية"، مضيفاً: "أخشى أن يعتقد
ترامب أن الشعب منقسم إلى درجة أنه لن يناضل من أجل قيمنا الدستورية ما دام يظن أن
مصالحه الشخصية لن تتأثر"، قبل أن يتساءل: "هل هو محق؟".
وخلال جلسات الاستماع، شهد مسؤولون في إدارة ترامب
أن كبار مسؤولي الإدارة كلفوا موظفين بوزارة الأمن الداخلي -الذين يجرون عادة
تحليلاً للشبكات الإجرامية العابرة للحدود- بإعداد تقارير عن الطلاب المشاركين في
الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين. وأوضحوا أنهم استندوا في ذلك إلى ملفات شخصية أنشأتها
منظمة "كناري ميشن"، وهي منظمة صهيونية مؤيدة لإسرائيل تسعى لملاحقة
المتظاهرين المؤيدين للحق الفلسطيني، وتحاول منعهم من الحصول على وظائف، إذ أرسلت
آلاف الأسماء لإدارة ترامب للمطالبة بترحيل الطلاب والمتظاهرين المناصرين لغزة.
وأكد مسؤول في وزارة الأمن الداخلي خلال شهادته أنه عمل بشكل كبير بالاعتماد على
قوائم "كناري ميشن"، وأنه قدم ما بين 100 و200 تقرير عن الطلاب
المتظاهرين.
وكشفت المحاكمة أن الإدارة الأميركية احتجزت
الطلاب على خلفية آرائهم وتصريحاتهم، فيما قضى القاضي يونغ بأن المزاعم حول قيامهم
بالتحريض جاءت "دون دليل". وشهد عملاء ومسؤولون بوزارة الأمن الداخلي
بأنه للمرة الأولى يُطلب منهم إعداد تقارير عن احتجاجات طلابية واعتقال طلاب غير مواطنين
بسبب تغير وضعهم القانوني. كما كشف مسؤول قنصلي كبير في وزارة الخارجية، عن أن
إلغاء تأشيرة الطالبة رميساء أوزتورك جاء بسبب مقال رأي كتبته مع طلاب آخرين في
صحيفة جامعة تافتس. وأوضح أن التأشيرة أُلغيت دون علمها، بعد أن استندت الوزارة
إلى مشاركة مجموعات طلابية -بينها مجموعات محظورة- في نشر المقال، معتبراً هذا
الارتباط غير المباشر مبرراً كافياً لإلغاء تأشيرتها، رغم عدم توافر أي دليل على
مشاركتها في نشاط معادٍ للسامية أو داعم للإرهاب.
من جانبهم، جادل محامو الحكومة بأن حقوق غير
المواطنين في حرية التعبير داخل الولايات المتحدة "مقيدة"، وأنهم
"ممنوعون من التبرع للمرشحين السياسيين". غير أن محامي المدعين استشهدوا
بقرارات صدرت عن محاكم متعددة، تؤكد أن الأجانب الذين دخلوا البلاد بشكل قانوني
يتمتّعون بـ"المجموعة الكاملة" من الحقوق التي يضمنها التعديل الأول
للمواطنين الأميركيين.